للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجفرى صاحب صقلية، وأولى صاحب جبيل، وابن صاحب اسكندرونه، وامجل صاحب مرقيّة، وفروخ صاحب بيروت. وهؤلاء الذين ذكرناهم كان كل واحد منهم عسكره نظير عسكر السلطان صلاح الدين وأزيد، وإنما نصره الله تعالى عليهم، لما علم صدق نيته فى محبة جهاد أعدائه. وأسر من الديوية والاسبتار والبنادقة والبارومية خلق عظيم. وقتل من الفرنج ما لا يحصى كثرة. وهذه الوقعة التى ذلت بها ملوك الفرنج لصلاح الدين.

قال ابن واصل وهو القاضى جمال الدين قاضى قضاة حماه فى تاريخه، المسمى «مفرج الكروب فى أخبار ملوك بنى أيوب»: إن هذه الواقعة كانت فى سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة، بعد رجوع السلطان من بلاد الشرق. وأقول إنه الصحيح؛ فإن صاحب التاريخ-أعنى أبو المظفر جمال الدين يوسف-الذى نقلت منه هذا التاريخ فى أخبار بنى أيوب، كان إذا ذكر واقعة، استمر على ذكرها هل يكون فى سنيها أو غير سنيها. والقاضى جمال الدين بن واصل حرر تاريخ السنين، فالرجوع إليه فى وقائع السنين أولى من غيره. والعهدة فى جميع ما أذكره على نسخ الأصل. ولعل ما آفة الأخبار إلا رواتها.

ثم ضرب الدهليز السلطانى الصلاحى، وجلس السلطان صلاح الدين، وأجلس بين يديه ملوك الفرنج على مراتبهم وأقدارهم، وأجلس صاحب الكرك أسفلهم، وكان أكبرهم قدرا. وسبب إهانته غدره ونكثه، حسبما تقدم من ذكر ذلك. ثم قال له السلطان صلاح الدين: «كيف رأيت صنع الله تعالى وعاقبة الغدر والنكث؟»