ما بين فارس وراجل، ورفعوا صليب الصلبوت يزعمهم؛ وهى قطعة خشب يدعون أنها من الخشبة التى صلب عليها المشبه بعيسى بن مريم، صلوات الله على عيسى وسلامه.
ثم توجهوا بجموعهم إلى نحو السلطان صلاح الدين ليمنعونه عن طبرية وأخذها. فلما بلغ السلطان صلاح الدين ذلك جد فى سيره، وقحم خيله، حتى سبقهم إليها بيوم واحد، ونزل عليها. ثم التقى الجمعان على السطح بطبرية، وذلك يوم الجمعة الرابع والعشرين من جمادى الآخر. وحاز بينهم الليل، فباتوا على مصافهم فى سلاحهم، متوجهين إلى الله عز وجل، مستهلين له بالدعاء والتضرع، يسألوه-جل وعز-أن ينصرهم على أعدائه. فلما كان عند الصباح التقى الفريقان بأرض لوبيه. ولم يزل السيف يعمل، والرجال تقتل، ونار الحرب تشعل، إلى الليل. ولم يحجز بينهم إلا الليل. وقد حازت المسلمون الماء بأرض الجزيرة إلى الصباح. وثار الحرب بينهم، وقد اشتد بالملاعين العطش، وقوى عليهم الحر، وأوقع الله فى قلوبهم الرعب، فاشتد خوفهم. فلما كان وقت الظهر انهزمت منهم طائفة ثم تبعتها أخرى.
وركب المسلمون ظهورهم قتلا وأسرا، فلم ينج منهم إلا من تعلق بجبل أو أدرك حصنا من حصونهم. وهرب القمص ونجا، واحتاط المسلمون ببقية ملوكهم، وهم صاحب الكرك المقدم ذكره، وأرناط صاحب القدس الشريف،