وفيها تسلم عز الدين مسعود بن مودود قلعة حلب، بوصية من [الملك الصالح إسماعيل] بن نور الدين له.
وفيها خرج الملك محمد الغورى إلى الهند، وعدة عسكره ثلاثمائة ألف وتسعون ألف سوى الرجالة، وكان فى صحبته أربعمائة فيل، ففتح الهند من الكفر.
قال ابن واصل: لما خرج السلطان إلى الشام، وبرز من القاهرة، وخرجت الناس إلى وداعه، بينما هو فى سرادقه، والعلماء والفضلاء بين يديه، وكل منهم ينشد بيتا أو بيتين فى الوداع، إذ أخرج أحد مؤدبى أولاده رأسه، وأنشد مظهرا بذلك فضيلته لهذا البيت:
تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشيّة من عرار
قال: فحمد نشاط السلطان، وانقبض انبساطه، وجعل الجماعة ينظرون بعضهم إلى بعض متعجبين، من سوء أدب المؤدب. وكأنه والله نطق بما هو كائن فى الغيب، فإن السلطان فارق الديار المصرية هذه النوبة، واشتغل بما سنذكره من الفتوحات والغزوات، وتمادى الحال إلى أن قضيت منيته بدمشق، ولم يعد بعدها إلى الديار المصرية. فكان الفال موكل بالمنطق. ثم سار السلطان متوجها إلى الشام لخمس مضين من المحرم سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وفيها طلع الفرنج إلى أيلة، وعمروا مراكب وشوانى، وركبوا بحر القلزم، وقطعوا البحر، ونزلوا على عيذاب، وأخذوا عدة مراكب الكارم، وهى موسوقة بهارا وبضائع، وقتلوا من أهل عيذاب جماعة كثيرة، فإنهم لم يتحققوا أنهم فرنج، لأنهم لم يعهدوا هذا قط، ولا دخلت إليهم فرنج من طول الأعمار، سوى هذه النوبة. والفرنج الذين فعلوا هذه الفعلة من أصحاب البرنز [أرناط] صاحب الكرك.
فلما بلغ السلطان ذلك أحضر أسطول المراكب من السويس، وعمر بها مراكب حربية فى أسرع وقت وأقربه، وشحنها بالرجال والعدد، وجعل المقدم عليهم