ونواصيها، ولا يلقى منهم كتيبة بقوتك إلا مزقها، ولا جماعة بعزتك إلا فرقها، ولا طائفة بقهرك إلا ألحقها بمن سبقها.
اللهم اشكر له عن محمد-صلى الله عليه وسلم-سعيه، وأنفذ فى المشارق والمغارب أمره ونهيه، وأصلح به اللهم برحمتك أوساط البلاد وأطرافها، وأرجاء الممالك وأكنافها.
اللهم ذل به معاطس آناف الكفار، وأرغم به أنوف الفجار، وانشر ذوائب ملكه برحمتك على الأمصار، وأثبت سرايا جنوده فى سبيل الأقطار.
اللهم ثبّت الملك فيه وفى عقبه إلى يوم الدين، واحفظه فى بنيه وبنى أبيه الملوك الكرام الميامين، واشدد عضده ببقائهم، واقض بإعزاز أوليائه وأوليائهم. اللهم وكما أجريت على يديه فى الإسلام هذه الحسنة التى تبقى على الأيام، وتتخلد على مرور الشهور والأعوام، فارزقه الملك الأبدى الذى لا ينفد فى دار المتقين، وأجب دعوته ودعاءه فى قوله:{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى االِدَيَّ، وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصّالِحِينَ»}.
ونقل السلطان إلى البيت المقدس المنبر من حلب. وكان هذا المنبر قد أمر بعمله الملك العادل نور الدين الشهيد، لما كانت نفسه الزكية تحدثه أنه سيفتح القدس الشريف، فعمل هذا المنبر قبل فتح القدس الشريف بنيف وعشرين سنة.
قال صاحب هذا النقل: وكانت الفرنج-لعنهم الله-قد بنوا على الصخرة المقدسة كنيسة، وقطعوا منها جملة كبيرة، وغيروا أوضاعها، وبنوا على حيطانها أشباه الخنازير، وعملوا بها مذبحا، وعينوا بها مواضع الرهبان، ومحط الإنجيل، وأفردوا فيها لموضع القدم قبة صغيرة، مدهونة، ما بين الأعمدة الرخام. فلما نظر السلطان صلاح الدين إلى ذلك عظم عليه، وأمر أن تمحى جميع تلك الآثار. وأزال عن الصخرة ذلك البناء، وأبرزها حتى ينظر إليها. ولم تكن قبل ذلك يظهر منها إلا قطعة يسيرة.
وكان الفرنج قد قطعوا من الصخرة قطعة كبيرة، وسيروها إلى القسطنطينية،