للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك إلى صقلية، فكانوا يبيعون منها ملوك الفرنج وزنا بوزن من الذهب. وقيل إن بعض ملوك الفرنج خرج عن ملكه، وتولى خدمة ستارة الصخرة، إشفاقا عليها.

وكان كل ملك يأتى إلى زيارة القدس يتقصد أن يأخذ منها قطعة، بحسب البركة.

فلما بلغ السلطان صلاح الدين ذلك أمر الفقيه ضياء الدين الهكارى أن يكون أمينا عليها. ثم أدار عليها صفائح من حديد. ثم حضر الملك المظفر تقى الدين عمر، وأحضر صحبته أحمالا من دمشق مملوءة ماء ورد، وتولى غسل قبة الصخرة بنفسه.

ثم أتى الملك الأفضل، وفعل كذلك.

ثم رتب السلطان صلاح الدين فى جامع الأقصى من يقوم بوظائفه، ورتب فى قبة الصخرة إماما حسنا، وأوقف عليه وقفا جيدا. وحمل إلى الجامع الأقصى مصاحف وختمات وربعات منصوبة على كراسى، ورتب له أوقافا جليلة، وعمل دار البطرك رباطا للفقراء.

وكانت قبور الفرنج من الديوية وغيرها مجاورة للصخرة، ونحو باب الرحمة، ولهم قباب معقودة، فأزالها السلطان صلاح الدين، ومحا آثارها، وأمر بغلق كنيسة قمامة.

ثم إن بعض الملوك قال: «نعم الرأى هدمها، ونخرب القبور التى بجوارها».

فقال بعض سراة الناس من العلماء-أظنه ابن شداد أو العماد الأصفهانى-: «إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضى الله عنه-لما فتح بيت المقدس استقر بهذه الأماكن على ما كانت عليه، ولو شاء لفعل ذلك». فقال السلطان: «نحن متبعين لا مبتدعين».

واستقر بالأشياء على حالها. وأن لا يغير إلا ما كان مستجدّا. فلما استقر الأمر كذلك، وردت عليه اللطائف التهانى بالقصائد من الفضلاء والأدباء والشعراء. فكان أول ذلك قصيدة الملك المظفر تقى الدين عمر: