للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انكسرت الفرنج فيها كسرة عظيمة. وذكر أن عدة من كان بعكا من المسلمين ممن قتل سوى من نجا خمسة آلاف نفر وسبعمائة نفر. ولما كان نهار الأحد ثالث ذى القعدة رحل الفرنج إلى الرملة، وتوجهوا لبيت المقدس. ثم كان بينهم وبين المسلمين وقائع وحروب يشيب لهولها الطفل الوليد.

ودخل الشتاء وقويت الأمطار إلى سبع بقين من ذى الحجة وصل السلطان صلاح الدين إلى القدس الشريف. ونزل بدار الأقساء مجاور كنيسة قمامة. وكان قد وصل فى ثالث ذى الحجة عسكر مصر مع أبى الهيجاء. فلما بلغ الفرنج ذلك تحولوا إلى النطرون. ثم كان بينهم وبين المسلمين-وهم اليزكية-وقعة. ثم كان بينهم وبين الأمير سابق الدين صاحب شيزر وقعة عظيمة، انكسرت فيها الفرنج كسرة شنيعة، وتسلقوا فى الجبال، وأخذت خيولهم. وحاصرهم المسلمون فى قلعة النطرون. ثم وصل عدة من الحجارين من عند صاحب الموصل بسبب تحصين خندق بيت المقدس. وعمل السلطان صلاح الدين بنفسه فيه، وكذلك سائر الملوك مع كافة الجيوش.

وفى هذه السنة توفى القاضى شرف الدين بن عصرون قاضى القضاة بدمشق، وكان أوحد أهل زمانه فى الأربع مذاهب.

وفيها ظهر بمصر رجل منجم يقال له ابن السنباطى، فأقلب رءوس السودان وقوم من المغاربة يقال لهم «المصامدة»، وقال لهم: «أنتم تملكوا الديار المصرية فى الليلة الفلانية بعد المغرب». فاستعدوا بقوارير نقط، واجتمعوا بحارة بر المدينة، وهى الهلالية، وشربوا المزور إلى بعد العشاء، دخلوا حمية واحدة من باب زويلة، وأخذوا ما قدروا عليه من العدد، وأتوا إلى خزانة البنود ليخرجوا من كان بها من المسجونين، وهم مع ذلك يصيحون: «يا آل على». وأتوا إلى السيوفيين، وكسروا الدكاكين،