طابق من خشب، ونقب فيه بمقدار ما يطلع منه رأس الإنسان. ثم صنع طبق نحاس، ونقب فيه بمقدار رقبة الرجل، وجعله بمصراعين ملتقيات متداخلات فى بعضها البعض، لا يميزه أحد، ولا اطلع عليه أحد. فكان إذا أراد أن يفعل تمويها يأخذ رجلا يختار عدمه، ويقربه أولا، ويحسن إليه، ولا يعلمه ما المراد به، ثم يجزل صلته ويوصيه بما يريد أن يقوله، ويتقن أمره معه. ثم ينزله تلك الحفيرة، ويخرج رأسه من ذلك الخرق الذى فى الطابق الخشب، ثم يطبق على عنقه ذلك الطبق النحاس المصنوع، ويضع فى الطبق حول عنق ذلك الإنسان دما غبيطا، ثم يغطيه بمنديل، ويوهم أصحابه أنه ضرب رقبته، وأنه نقله من الدار الفانية إلى الدار الباقية، مع الحور والولدان، فى جنات نعيم. ويجلس ويأمر بحضور أصحابه، فإذا استقر بهم الجلوس، يأمر من يكشف عن تلك الرأس، فلا يشك من رآها أنها رأسا مقطوعة موضوعة فى الطبق، فيقول له:«تحدث يا فلان بما أنت فيه من الخير لأصحابك، وما وصلت إليه من النعيم». فيحدثهم بما قرره معه من الوصية له، فيقول له:«أيما أحبّ إليك ترجع إلى أهلك إلى ما كنت فيه، أو تسكن الجنة حسبما رأيت». فيقول:
«وما حاجتى بالرجوع إلى الدنيا، والله إن خردلة مما رأيت خير لى من تلك الدنيا سبع مرار. وأنتم يا أصحابى عليكم سلام الله، وأوصيكم، الله! الله! الحذر! الحذر! من مخالفة هذا الصاحب الإمام، فهو حجة الله فى أرضه، والسلام».
وفيها ظهر بحمص من داخلها عيون ماء، حتى امتلأ الخندق، فشرب أهل حمص منه، فوخموا جميعهم، وظهر عقيب ذلك طاعون أهلك خلقا كثيرا من أهلها.
وفيها ورد الخبر أن ذئبا كلب، فهجم مدينة دنيسر، فأتلف اثنين وسبعين نفرا من الناس حتى قتل.