وقيل إنه دخل مصر، ونزل فى القصر عند العزيز، حتى اتفق معه، وخرجا جميعا، واستقلعا دمشق من الأفضل، وأنعما عليه بصرخد. وملّك العزيز لعمه العادل دمشق، حسبما تقدم من الكلام فى هذا المعنى؛ والله أعلم.
قال ابن واصل إن فى هذه السنة-أعنى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة-كان أخذ دمشق من الملك الأفضل بسوء تدبير وزيره ضياء الدين بن الأثير الجزرى. ولما وصل الملكان العادل والعزيز لحصار دمشق، كتب إليهما جميع الأمراء الذين كانوا بها بالتسليم كرها للوزير المذكور، فلم يحتاجا لمدة حصار. ولم يقاتل فى ذلك اليوم غير الملك الظافر مع عسكر بعثهم نجدة الملك الظاهر صاحب حلب. وجرح فى ذلك اليوم الظافر جراحا كثيرة. ولم تقم البلد إلا ساعة من نهار، ودخلها الملكان المذكوران، وخرج الملك الأفضل صبيحة ذلك اليوم بأهله وأمواله، وكانت ليست بشئ. واختفى الوزير ضياء الدين فى بعض صناديق الأفضل، ثم هرب إلى الموصل بأموال جمة.
وتوجه الأفضل وصحبته أخوه الملك المفضل قطب الدين إلى صرخد، واستقرا بها.
وكان دخول العزيز إلى دمشق رابع شعبان. وأخذت أيضا بصرى من الظافر، وتوجه إلى أخيه الظاهر بحلب.
وسلم الملك العزيز دمشق لعمه الملك العادل، ورحل من دمشق عشية الاثنين تاسع عشر شعبان، فكانت مدة إقامته بها أربع عشر يوما.
وكانت مدة ملك الملك الأفضل دمشق ثلاث سنين وأشهرا. واستقرت الخطبة والسكة بدمشق وأعمالها للملك العزيز، والملك العادل يظهر أنه نائب له بها إلى أن استقام له الأمر، حسبما ما يأتى من ذلك.