للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والهيبة. وكان زاهدا فى الدنيا. وقال صاحب هذا النقل عنه أنه سمعه يقول: «كتبت بأصبعى هاتين ألفى مجلد». وتاب على يده ما يزيد عن مائة ألف إنسان. وأسلم على يده نيف وعشرة آلاف يهودى ونصرانى. وكان يختم القرآن فى كل سبعة أيام.

ولا يخرج من بيته إلا إلى الجامع الجمعة، أو عند ما يحضر مجلسه للوعظ. ولا رآه أحدا مازحا قط، ولا رئى فى صباه يلعب قط. وهو صاحب كتاب التاريخ الكبير المسمى بمرآة الزمان، جمع فيه من العجائب والغرائب ما نثرت منه جملة فى هذا التاريخ. رحمه الله تعالى، وسائر علماء المسلمين.

وفيها توفى الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدى، وكان خادم أسد الدين شير كوه، عم السلطان صلاح الدين. وجعله السلطان صلاح الدين زمام قصره. وكان رجلا مسعودا ذو همة، وهو الذى بنى السّور المحيط بمصر والقاهرة، حسبما تقدم من ذكر ذلك. وبنى القناطر بالجيزة التى على طريق الأهرام. وعمّر بالمقسم رباط، وبظاهر باب الفتوح خان سبيل. وله وقف كثير لا يعرف الآن. وكان حسن المقاصد، جميل النية. وكان كما تقدم من الكلام أنه أخذ أسيرا من عكا لما أخذها الفرنج، فاشترى نفسه منهم بعشرة آلاف دينار. وقال القاضى بهاء الدين بن شداد فى سيرة السلطان صلاح الدين: أنه انفك من الأسر يوم الثلاثاء حادى عشر شوال سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. قلت: والناس ينسبون إليه أحكاما عجيبة فى ولايته، وهى بالعكس مما يروونه عنه، حتى أن الأسعد بن مماتى صنع جزءا لطيفا وسمّاه «الفاشوش فى أحكام قراقوش».

وفيها توفى سقمان الملقب قطب الدين بن محمد بن قرا أرسلان بن داود بن سقمان؛ صاحب آمد وحصن كيفا. سقط من سطح جوسق فمات. وملك أخوه محمود، وكان شديد الكراهية له والنفور منه، فملكه الله مكانه.