وهلك تحت الردم ثلاثون ألف إنسان. وكذلك هدمت عكا وصور، مع قلاع الساحل.
وامتدت إلى دمشق، فهدمت بعض المنارة بجامع بنى أمية، وأكثر الكلاسة، والبيمارستان النورى. وهرب الناس إلى الميادين. وسقط من الجامع ستة عشر شرافة، وانشقت قبة النسر. وامتدت إلى بانياس وهونين. وخرج قوم من أهل بعلبك سائرين فى طريقهم، فسقط عليهم جبلا، فهلكوا تحته. وهدمت أكثر قلعة بعلبك مع عظيم بنائها. وامتدت إلى حمص وحماة وحلب. وقطعت البحر إلى قبرص، وانفرق البحر فصار أطوادا، وقذف بالمراكب إلى الساحل، وتكسرت منه عدة مراكب.
ثم وصلت إلى أخلاط وأرمينية وأذربيجان والجزيرة. ووصلت إلى العجم، فأحصى من هلك فى بلادها تحت الردوم، فقيل كان ألف ألف ومائة ألف. وكان قوة الزلزلة فى مبتدأ أمرها أقامت بقدر ما يقرأ الإنسان سورة الكهف، ثم عاودت بعد ذلك أياما.
وفيها توفى الشيخ جمال الدين أبى الفرج عبد الرحمن بن على بن عبد الله بن حماد ابن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزى بن عبد الله بن القاسم بن النظر بن القاسم بن محمد ابن عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، رضى الله عنه. وهو ابن الجوزى الواعظ المشهور. وقيل إن أباه توفى وتركه وهو ابن ثلاث سنين. وكان له عمة صالحة، وكان أهله تجارا فى النحاس. فلما كبر، حملته عمته إلى مسجد أبى الفضل، وأسمعته الحديث. وقرأ القرآن، وعنى بأمره شيتم ابن الزعفرانى، وعلمه الوعظ. واشتغل بفنون العلم، وأخذ اللغة عن أبى منصور الجواليقى. وصنف الكتب فى فنون شتى، وقيل بلغت مصنفاته نحوا من ثلثمائة كتاب. وحضر مجلسه الخلفاء والوزراء والعلماء والأئمة والملوك والأمراء. وأقل ما كان يحضر مجلسه عشرة آلاف نفر. وأوقع الله له فى قلوب الناس المحبة والقبول