من المعاجر المكللة، ومائتى قطعة من الذهب والفضة من صناعة الفرنج العجيبة، وعشرين هجينا موسّقة من الثياب المختلفة الألوان. وكان وصولها إليه أول شهر ربيع الأول من هذه السنة. وفى آخرها ولدت له الملك العزيز، واحتفل له الملك الظاهر فى ولادته احتفالا عظيما. ثم أمر الصناع أن يقترحوا من سائر الأنواع والصنوف، فعملوا من ذلك أشياء بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة. وكذلك تماثيل من سائر الأنواع، مثل فهود من عود وعنبر وصندل، ووحوش من جميع الأجناس مطعمة بالذهب والفضة. وفتح للمولود بيتا، وعبر الناس، وأرموا عليه من الجواهر واليواقيت والبلخش واللؤلؤ والأموال ما حسبت قيمته مائة ألف دينار عين. ثم صنعوا له درعين فى كل درع أربعين جوهرة كقدر بيض الحمام، مفصلا بالياقوت البهرمان. وصنعوا له بركستوان جميعه لؤلؤ كبار، وستة سروج مجوهرة، وستة سيوف محلاة مرصعة بعلائق ذهب مكللة، ورماح ذهب وأسنتها بلخش. وفى يوم سبوعه ختن الملك الظاهر ولده الملك الصالح صلاح الدين أحمد، وكان يوما عظيما ما شهد مثله. وختن معه أربعمائة غلام من أولاد كبار الدولة. وختن ألف يتيم وأكساهم أفخر ملبوس. وعملت وليمة ما شاهد الناس مثلها، والله أعلم.
وقال ابن واصل: لما ولد الملك العزيز امتدحت الشعراء وصنعوا القصائد المنتخبة فى التهانى. فمن ذلك قول راجح الحلّى من قصيدة مطلعها، يخاطب الملك الظاهر:
نعم جادت الدنيا بما أنت آمله ... فحسبك من آمالها ما تقابله
إذا ماهناء قال قوم: قد انقضت ... أواخره كرّت عليه أوائله
فيا حبذا دهرا بملكك أشرقت ... على أهله أسحاره وأصائله
فلسنا نرى إلا نعيما يديمه ... صنيعك فينا أو سرورا يواصله