الملك العزيز بعده، ثم يكون ولده الملك الصالح أحمد بعد العزيز، ثم يكون الملك المنصور بن العزيز بن السلطان صلاح الدين بعده؛ وهو الذى أخرجه الملك العادل من ملك مصر.
قال: وزوج الملك المنصور المذكور بابنته قبل وفاته بيوم واحد، وأوصى له بشئ كثير، وجعل أتابكية ولده للأمير شهاب الدين طغريل، فقام بخدمة هذا البيت أتم قيام، ووفى من الأمانة ما لا وفّى به غيره. ولم يعتمد ما اعتمده بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل فى حق بيت مخدومه من إزالة الأمر عنهم، وتخصيصه إياه.
فكان لؤلؤ بالضد من الأتابك شهاب الدين، رحمه الله. وأحضر الملك الظاهر-قبل وفاته- الريس جمال الدين على بن صفى الدين بن الطريرة، وأخلع عليه، وقلده رياسة حلب، وكانت لأبيه من قبله.
قال: وبعث فى ذلك اليوم لكل واحد من إخوته جملة مال، وأعتق مائة مملوك ومائة جارية، وأزوجهم بهن، ورتب لهم كفايتهم، وفعل من الخير ما يضيق عنه الوصف، رحمه الله تعالى.
بقية ذكر الظاهر: وكان الملك الظاهر صاحب حلب، رحمه الله، ملكا جوادا سمحا أديبا فاضلا. قيل إن أبا المحاسن ماجد بن محمد كتب إليه أبياتا منها:
أما وضجيج قهقهة القنانى ... وأصوات المثالث والمثانى
لقد أضحى الشآم يتيه عجبا ... بملك ما له فى الأرض ثانى
فكتب جوابه يقول:
طلبنا الدّرّ من بحر المعانى ... وعذب اللفظ من عضب اللسان
وهل تجنى ثمار الفضل إلا ... فروع أصلها حلو المجانى
فلا عجب أن استسقيت غيثا ... أو استسقيت منطلق العنان
وأنت السابق الغايات فضلا ... إذا ما قصّرت خيل الرّهان