كرأس البغل، وله شعرات يسيرة فى وجهه، وعليه قباء بخارى يساوى خمس دراهم، وعلى رأسه قطعة من جلد تساوى درهمين. قال الشيخ شهاب الدين: فسلمت عليه، فلم يرد علىّ، ولا أمرنى بالجلوس. فشرعت، فحمدت الله عز وجل، وخطبت خطبة بليغة، ذكرت فيها فضل بنى العباس، ووصفت الخليفة بالزهد والورع والدين، والترجمان يردّ عليه قولى. فلما فرغت من كلامى قال للترجمان:«قول له هذا الذى تصفه ما هو هذا الذى فى بغداد، وإنما أنا أجئ إن شاء الله تعالى إلى بغداد، وأقيم خليفة يكون بهذه الأوصاف». ثم ردّنا بغير جواب. ثم رحل ونزل بلخ، فأرسل الله عز وجلّ على جيشه ثلجا عظيما، ما نظروا مثله، أهلك دوابهم، ووقع كثير من أطارف قومه من قوة الثلج الذى نزل بهم. ثم إن خوارزم شاه ركب يوما فرسه، فعثر به أطاحه من سرجه، فتطيّر من ذلك، ووقع فى عسكره الفساد. وكان معه سبعين ألف من الخطاء، فاختلفوا عليه، فعاد إلى بلاده فى تلك السنة. هذا ما ذكره أبو المظفر.
وأمّا ما ذكره الشيخ شهاب الدين أبو شامة قال: نسخت من كتاب محمد بن محمد ابن أحمد النسوى، الجامع لأخبار التتار مع السلطان علاء الدين خوارزم شاه ومع ولده السلطان جلال الدين منكبرتى، وقد اختصرت ما أمكن تلخيصه. حكى القاضى مجير الدين الخوارزمى أن السلطان علاء الدين سير مرارا إلى بغداد، آخرها بمطالبة الديوان بما كان لبنى سلجوق من الحكم، والنزول ببغداد، فأبوا عليه ذلك، وأنفذوا إليه الشيخ شهاب الدين السهروردى رسولا، مدافعا لما طلب من الديوان العزيز. وكان عند السلطان علاء الدين من حسن الاعتقاد ما أوجب تخصيص الشيخ برفيع المنزلة، ومزيد الاحترام، ما يميّز به عن سائر الرسل الواردة عليه من سائر الأقطار. وأنه لما دخل إليه الشيخ، أقبل عليه وأكرمه وأجلسه.