للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال الشيخ: «من سنّة الداعى لهذه الدولة القاهرة أن يقدم على أداء الرسالة حديثا من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم». فأذن له السلطان فى ذلك، وجلس على ركبتيه تأديبا لسماع الحديث. فذكر الشيخ حديثا فيه تحذير من أذيّة أقاربه. فلما فرغ الشيخ من رواية الحديث، قال السلطان: «أنا ما أذيت أحدا من أقاربه، ولا من آل العباس، ولا قصدتهم بسوء. وقد بلغنى أن فى مجلس أمير المؤمنين منهم خلق كثير مخلدين، يتناسلون فى الحبوس. فلو أورد الشيخ هذا الحديث بعينه على مسامع أمير المؤمنين كان أولى وأنفع». فعاد الشيخ والوحشة قائمة. ثم عزم السلطان علاء الدين على طلب بغداد، وقسم نواحيها إقطاعات لعمال من قبله. وسار حتى علا عقبة أسداد فنزلت عليه الثلوج حتى ملأت عليه الأباطح وغطت الخراكى والخيام. ودام كذلك أسبوعين، فشمل الهلاك خلقا من عساكره، ولم ينج شئ من الجمال، وتلفت أيدى أناس كثيرة، فرجع عن وجهه، وسيأتى تتمة أخباره فى مكانها.

وفيها كان جفل السلطان الملك العادل من الفرنج لما خرجوا عليه بجموعهم، ووصلوا إلى عين جالوت فأحرقوها. وطلع السلطان إلى قلعة عجلون، وقطع الفرنج خلفه الأردن، وأوقعوا باليزك، وغاروا على البلاد. وورد المرسوم إلى المعتمد والى دمشق بالاهتمام والاستعداد، واستخدام الرجال، وتدريب الدّروب على قصر حجاج والشاغور وطرق البساتين. ونقلت غلة داريا إلى القلعة بدمشق.

وغرقوا الأراضى بالمياه لأجل الفرنج الملاعين، وقصدهم إلى دمشق. وأرسل السلطان