إلى ملوك الشرق يستحثهم. ثم نزل السلطان على مرج الصفار ليجتمع العساكر فيه.
ووقع عند ذلك الجفل العظيم، وعزم الناس على النزوح عن أوطانهم بدمشق. وعاد للناس ضجيج وبكاء وتضرع إلى الله عز وجل فى أوقات الصلوات بالجامع. ثم إن الفرنج-خذلهم الله-عادوا إلى عكا بجميع ما احتووا عليه من الأسارى وكانت غارتهم وصلت إلى زحر وإلى فيق وغيرهما. ثم وصل الملك المجاهد أسد الدين صاحب حمص بمن اجتمع إليه من العساكر لنجدة الناس، ودخل من باب الفرج بعد جهد جهيد لازدحام الناس. ومضى من فوره إلى دار ست الشام-أخت السلطان الملك العادل- فسلم عليها. ثم عاد إلى داره وبات بها. وأصبح متوجها إلى خدمة السلطان، فعند ذلك سكنت نفوس الناس.
وكان الملعون ملك الفرنج فى ذلك الوقت وجامع حشودهم يقال له الملك العنكر، وكان فى خمسة عشر ألف قنطارية فرسان، خارجا عن الرجالة. وكان هذا الملعون شجاعا مقداما. قال أبو المظفر: لما رجع هذا الملعون بمن معه من خربة اللصوص، ووصلوا إلى تل الفرس. ثم رحلوا ونزلوا تحت الطور يوم الأربعاء ثامن عشر شعبان، وأقاموا إلى يوم الأحد ثانى رمضان، وكان يوما كثير الضباب. فما شعروا بهم أهل الطور إلا وهم عند الباب، وقد ألزقوا رماحهم السور. فعند ذلك فتح المسلمون الباب، وخرج إليهم الفارس والراجل، وقاتلوهم أشدّ قتال، حتى رموهم إلى أسفل