جكزخان هم أكبر جيوش التتار بيوتا فيهم، ويسمون المغرّبة لكونهم ساروا إلى غربى خراسان، وهم بيت هلاوون. وأنهم ساروا يقصدون مكانا يسمى بنجاز آب وهو مفرق خمس مياه. وكان السلطان علاء الدين قد نزل خلف ذلك الماء، معتصما من التتار. فلما وصل التتار إلى ذلك النهر لم يجدوا ما يعدون به ولا من يخبرهم بأمره، ويقال إنه نهر جيحون. فصنعوا من الخشب شبه الأحواض، وجعلوا أسلحتهم فيها، مع سائر عددهم. ثم ألقوا الخيل فى البحر، وتعلقوا بأذيالها مع أطراف تلك الأحواض، وقطعوا ذلك النهر جميعهم فى دفعة واحدة. ثم لبسوا سلاحهم وركبوا خيولهم. ولم يشعر بهم السلطان علاء الدين إلا وهم معه على الأرض، فولى هاربا، وتفرّق جيشه، ولم يلو الأخ على أخيه، ولا الوالد على ولده. ثم تفرقت كل فرقة من جيشه إلى جهة من الجهات. وتوجه السلطان علاء الدين إلى مدينة سابور. واجتمع إليه بها العساكر، فلم يشعر إلا بأوائل التتار وقد طلعوا عليه، فانهزم منهم إلى مدينة مازندران، فقصدوه أيضا بها. وعاد كلما قصد مكانا تبعوه، حتى وصل إلى الرىّ، وهى من عراق العجم، ثم منها إلى همذان، والتتار خلفه.
ثم عاد إلى مدينة مازندران، ثم قصد مخاضة على بحر طبرستان فى مكان يسمى باب سكون، فنزل فى سفينة، ومضى إلى قلعة له فى البحر لا ترام ولا تدرك، فاعتصم بها خيفة من التتار، فأدركته المنية، فمات بها، رحمه الله.
وكان السلطان علاء الدين ملكا جليلا، عظيم القدر، كثير الفضل، يحب العلماء والفضلاء، ويسمع المديح ويجيز عليه الجوائز السنية. وكانت سعة ملكه من العراق إلى بلاد تركستان إلى بلاد البرلى، مضافا إلى ملك غزنة، مع بعض بلاد الهند، مع سجستان وكرمان وطبرستان. وكان تقدير سعة ذلك سبع أشهر طول فى ستة عرض.
فخرج عن جميع ذلك، خوفا من التتار، وزال ملكه فسبحان من لا يزول ملكه.