وكان متخلقا بأخلاق أسلافه الملوك السلجوقية، فإنهم كانوا ملوكا عظيمى القدر، فضلاء، أدباء، علماء، كرماء. ومن طريف ما يحكى عن السلطان ملك شاه المقدم ذكره من كتاب «جنى النحل فى أخبار ملوك العجم». قال محمد بن عبد الرحيم البلخى: قرأت فى كتاب يسمى «مطالع الشروق فى آثار بنى سلجوق» أن كان لملك شاه خازنا جمع له فى مدة سنين عدة أربعين خزانة، فيها من كل صنف عجيب ما لم يجتمع لملك قبله. وجعل ذلك الخازن كل خزانة صنف لا يشبهه الآخر، من جميع أنواع الجواهر، والفصوص، والأوانى الذهب والفضة، والأموال الجليلة، والقماش المتع المثمن الملوكى. وقصد الخازن بذلك أن السلطان ملك شاه إذا رأى ذلك وما اجتمع له من هذه الأموال العظيمة أن يعرف له حقه فى أمانته واجتهاده.
فلما كمل له ما أحب، زين تلك الخزائن بأحسن زينة، وجهز ألف ثوب أطلس قرمزى، ليمدها فرشا تحت أقدام الملك عند دخوله إلى تلك الخزائن. ثم تقدم إلى بين يدى السلطان ملكشاه، وقبل الأرض، وقال:«المملوك يسأل مراحم السلطان، تنقل خطواته الكريمة إلى خزائنه المعمورة بدوام عزه، لينظر ما قد تحصّل فيها من الأصناف العجيبة، التى لم تجتمع لملك قط. وقد جهز المملوك ألف ثوب أطلس قرمزى لتفرش تحت أقدام مولانا السلطان، عند طوافه فى خزائنه». قال: فأفكر السلطان طويلا وقال: «صف لى بلسانك ما تصل قدرتك إلى وصف ما تحصّل من جليل ذلك».
قال: فوصف له الخازن من الأموال والأصناف والأمتعة ما لا ينحصر كثرة.
وقال:«يا مولانا هذا الذى وصفه المملوك بعض بعض ما يراه مولانا السلطان.
فإن قدرتى تعجز عن وصف جملته». قال: فأفكر أيضا طويلا وقال: «أما ما قصدته من اطلاعى على مناصحتك وخدمتك واجتهادك فقد علم ذلك منك وتحققناه، وقد شكرنا اهتمامك. وأما توجهى إلى أن أنظر إلى متاع الدنيا وزخارفها فلا أفعل ذلك،