فيه قوة ونجعة يتبعه وإلا يقطع رأسه. وسار عازما أن يقطع السند مختفيا فى بعض الجبال بمن معه، ويعيشوا بما تكسبه أيديهم من الغارات. فصادفوا الهنود إليهم قاصدين. فلما رآهم الهنود ظنوا أنهم التتار، فتأخروا ولم يجد جلال الدين من الموت بد، فتقدم بمن معه، وتقدم ملك الهنود أيضا. ووقف جلال الدين حتى قاربه، وكان فى يده قوس. وكان شديد الساعد، ففوق سهما ورمى به ملك الهنود فأصاب صدره، وخرّ لوجهه يموج فى دمه، وانهزم جيشه، وأخذهم أصحاب جلال الدين.
وكسب [جلال الدين] خيله ومتاعه، وقوى نفسه بعد الإياس من الحياة. فسبحان المدبر الحكيم.
ثم رحل [جلال الدين] إلى سجستان، وأخذ ما كان له بها من الخزائن، وأنفق على من كان معه. ثم أتاه الخبر أن أيتامش قاصده فى ثلاثين ألف فارس ومائة ألف راجل، فسار جلال الدين نحوه تجلدا منه وصبرا. وقدّم أمامه جاهان بن بهلوان أزبك، فهجم على أيتامش، فتأخر له. ونفذ رسول إلى السلطان جلال الدين يطلب الصلح، ويقول:«ليس يخفاك ما وراءك من عدو الدين، وأنت سلطان المسلمين وابن سلطانهم. وقد رأيت أن أزوجك بنتى وأكون عضدك». فمال السلطان جلال الدين لذلك، وسير مع رسوله نفر من أصحابه، فطاب لهم المقام عند أيتامش. ثم وردت الأخبار عليه أن أيتامش وقباجه وسائر ملوك الهند اتفقوا على السلطان جلال الدين، وأن يمسكوا عليه حافة السند، فعظم عليه ذلك وأخفاه، واستناب جاهان ابن بهلوان على ما بيده من ممالك الهند، وسار طالبا للعراق. فلما وصل إلى كرمان، وهو فى أشد الأحوال مما قاساه ومن معه فى تلك البرارى والصحارى التى بين الهند وكرمان، ووصل فى أربعة آلاف، منهم من هو راكب البقر والحمير وغير ذلك.