لمعاجلة الملعون له، فركب يوم الأربعاء لثمان خلون من شهر شوال من هذه السنة-وقيل من سنة تسع عشرة-والتقى مع جكزخان. وثبت جلال الدين مع قلة أصحابه، ثم حمل بنفسه على قلب جكزخان فمزقه بدادا، وكادت تكون النصرة له، لولا ظهر للتتار كمين كان لهم فيه عشرة آلاف من المغل من أجود فرسانهم، فخرجوا على ميمنة جلال الدين، وكان فيها-على قول-أمين الملك خاله، فكسروها وطرحوها على القلب.
وتبدد نظام جلال الدين، وتزعزعت أقدامه، وأسر ولده. وعاد جلال الدين إلى حافة السند هاربا، فرأى والدته وزوجته وأخته وأولاده أطفالا مع جماعة من حشمه، وهن يصحن بأعلا أصواتهن:«بالله عليك اقتلنا وخلصنا من الفضيحة والأسر».
فأمر بهن فغرقن فى السند، وهذه من عجائب البلايا، ونوادر المصائب، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. ثم إنه لما سدت عليه المذاهب، وأحاطت به النوائب، ومن خلفه السيوف، ومن قدامه البحر العجاج، رفس فرسه وطلب الغرق ولا يسلّم نفسه لسيوف التتار. وكان الجواد من جياد الخيل-مع لطف الله عز وجلّ- فقطع به النهر إلى الجانب الآخر. وكذلك تخلص معه من أصحابه تقدير أربعة آلاف رجل، حفاة عراة. ثم وصل إليه مركب من بعض الجهات، وفيه مأكول وملبوس.
فوقع ذلك عنده موقعا عظيما.
ولما علم صاحب الجودى أن جلال الدين وصل إلى بلاده مكسورا، طلبه بالفارس والراجل، لما كان بينه وبين أبيه السلطان علاء الدين خوارزم شاه من الدخول القديمة، والحروب. فبلغ ذلك جلال الدين، فعظم عليه الحال، إذ لم يكن معه من أصحابه من يمانع عن نفسه، لما فيهم من الجراحات وعريهم من العدد والسلاح، وعدم المركوب، ولا فيهم نجعة للذب. فجفل من مكانه، وأمر كل من