يقول:«إن الذى قاسيته بعد السلطان من الشدائد والهوان لو أعرض على الجبال لأشفقن من حملها. وحين ضاقت علىّ الأرض بما رحبت قصدتك لأستريح عندك أياما. وحيث علمت أن ما عندك للضيف قرى غير السيف رجعت». فلما بلغ غياث الدين الرسالة رجع عما كان عزم عليه، وتفرقت عساكره.
وكان جلال الدين قد سير مع أمير أخوره عدة خواتم، وأمره إيصالها إلى جماعة من الأمراء السلطانية؛ فمنهم من تناول الخاتم وأجاب، ومنهم من أسرع به إلى غياث الدين.
فأمر بالقبض على الرسول. فركب جلال الدين مسرعا فى ثلاثة آلاف فارس وأعجل غياث الدين عن الاستعداد. فركب غياث الدين فرس النوبة وهرب. ودخل جلال الدين إلى خيمته وبها والدة غياث الدين، فزاد فى احترامها وإكرامها، وأنكر هروب غياث الدين، وقال:«أنا ما بقى لى من بنى أبى سواه». فسيرت والدته إليه بذلك، فعاد إلى الخدمة، فعطف عليه جلال الدين وأكرمه. وحضر إلى طاعة السلطان جلال الدين سائر ملوك الأقاليم من المتغلبين على البلاد، ودخلوا تحت الطاعة. وفرّق العمال على الأقاليم. وسار نحو خوزستان. وسير رسولا إلى بغداد، فأحلوه محل الإكرام.
ولم يزل الرسول ببغداد إلى أن ملك جلال الدين مراغة، فعاد الرسول مكرما.
ثم رحل السلطان جلال الدين إلى دقوقا فغلقوا أبوابها فى وجهه، وطلع أهلها على السور، وسبّوا جلال الدين ولعنوه. فأغاظه ذلك، وأمر بالزحف عليها، فلم يكن سوى ساعة حتى صعدت أعلامه عليها، وأوقع فيهم السيف.
ورحل إلى أذربيجان. وسير الكتب والرسل إلى ملوك الشام ومصر، يتضمن إعلامهم بما فتح الله عليه، وما ملك من البلاد. ثم رحل إلى أرجان، ثم إلى تبريز. فخرج إليه الرئيس نظام الدين أخو شمس الدين الطغرائى، وكان بها بنت السلطان طغريل، فسيرت تطلب الأمان مع الرئيس نظام الدين، فأجاب إلى ذلك.