وكان توفى الملك المنصور صاحب حماة، وهو محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب.
وكان ملكا شجاعا مقداما عالما فاضلا أديبا شاعرا محبا للعلماء والفضلاء. وكان عنده جماعة من كبار الفضلاء، مثل سيف الدين على بن أبى على الآمدى مصنف كتاب المضمار، جمع فيه جملة جيدة من تواريخ العالم فى عشرة أجزاء، وردّ على مثل الإمام فخر الدين الرازى المعروف بابن خطيب الرى، أحد فلاسفة الإسلام صاحب التصانيف العجيبة فى كل فن، مما يطول شرح ذكرها، وهو صاحب كتاب السرّ المكتوم فى علم الأسماء والطلسمات. ومثل الإمام أبى حامد الغزالى المشهور، وله من التصانيف مائة مجلد. ولو شرحت فضائل هؤلاء السادة المذكورين لكان جزءا بذاته، ولا نصل إلى بعض محاسنهم وعلومهم وتصانيفهم، رضوان الله عليهم أجمعين.
وكانت وفاة السلطان الملك المنصور المشار إليه فى شهر شوال من هذه السنة.
ودفن بحماة عند قبر أبيه، وقام بعده بمملكة حماة ولده الأكبر يسمى قليج أرسلان، ولقب بالملك الناصر. وجرى له بعد ذلك مع السلطان الملك الكامل أمور وعجائب، وأخذ منه حماة وأعطاها لأخيه الملك المظفر، واعتقل قليج أرسلان بمصر فى الجب.
ومن شعر الملك المنصور-رحمه الله-مما لخصناه قوله:
سحّا الدموع فإن القوم قد بانوا ... وأقفر الصبر لما أقفر البان
وأسعدانى بوجد بعد بينهم ... فالشان لما نأوا عنّى له شان
يا ظبية البان هل وصل أسر به ... فينجلى بلذيذ الوصل أشجان
منها:
لا تبعثوا مع نسيم الريح نشركم ... فإننى من نسيم الريح غيران
كيف السلو ولى قلب يخالفنى ... وفى الهوادج أقمار وغزلان