وقال:«يمضون إلى العجم فهناك عين ماء يجتمع عليها هذا الطير المعروف بالسمرمر فتأخذوا من مائها فى قوارير، وتعلقونه على رءوس الرماح. فكلما رآه الطائر يتبعكم». وما كان مقصوده إلا ببعث البكرى إلى جلال الدين يتفق معه. وقرر معه الأمر وجعله له عضدا، لما علم أن الأشرف والكامل اتفقا عليه. وكان الجراد قد قل، فلما عاد البكرى كثر. وفهموا الناس مقصوده فى ذلك. وعاد جلال الدين ذخرا للمعظم، وعاد بينهما معاقدة وأيمان.
وفيها استولى بدر الدين لؤلؤ على الملك ولقب الملك الرحيم. وفيها بنى السلطان الملك الكامل مدرسته ببين القصرين بالقاهرة المحروسة.
وأمّا التتار، فإن جكزخان قسّم أصحابه فى هذه السنة عدة أقسام، فنفذ قسما منها إلى بلاد فرغانة، وقسما إلى بلاد ترمذ، وقسما إلى قلعة كلام وهى قلعة عظيمة على نهر جيحون. ففعلت كل طائفة أقبح من أختها. ثم عاد الجميع إلى جكزخان، وهو نازل بسمرقند. فعند ذلك جهز جيشا عظيما وقدّم عليه إحدى بنيه، وسيره إلى إقليم خوارزم. وجهز آخر وسيره إلى خراسان، فقطعوا جيحون ووصلوا بلخ، فتسلموها بالأمان، وجعلوا بها شحنة من جهتهم. وعادوا يقاتلون برجال كل إقليم إقليم آخر، وهم يتفرجون عليهم، ففتحوا أكثر البلاد كذلك. ثم وصلوا إلى طالقان وفيه قلعة حصينة تسمى منصور كوه، فحاصروها أربعة أشهر، فلم يبلغوا فيها غرض.
وقاتل أهلها قتالا عظيما، وأنفذوا إلى جكزخان فأعلموه بذلك. فسار إليهم بنفسه فى عالم عظيم، وحاصرها. ثم أمر بالأخشاب والأحطاب فجمعت، وعادوا يعملون صفّا من خشب ثم يردمونه بالتراب، حتى واروا القلعة. وصعد التتار عليه ونصبوا