عليه النزول بالقلعة فأبى ونزل بجوسق أبيه العادل. وبدت الوحشة بين الإخوة، وأصبح الأشرف فى السحر وركب وساق، ونزل ضمير، ولم يعلم المعظم برحيله. ثم سار مسرعا حتى نزل حران، وكان قد استناب أخوه شهاب الدين غازى صاحب ميافارقين على أخلاط، لما سافر إلى مصر، وجعله ولى عهده بعد غيبه. ومكنه فى جميع بلاده بالشرق، فسولت له نفسه العصيان. ولما وصل الأشرف إلى حران بلغه خبر عصيان أخيه غازى، فكتب إليه يستدعيه، فامتنع، فجمع الأشرف عساكر الشرق وسار إلى أخلاط. وكان صاحب حمص-وهو الملك المجاهد-قد مال مع الأشرف؛ والمعظم مال إلى نصرة غازى، فجمع وخرج حتى نزل على حماة، فلم يخرج إليه صاحبها ولا فتح له باب، فعاد إلى حمص. فخرج إليه عسكر حمص، فأوقعوا به، وظهروا عليه، ونهبوا عسكره. ورجع إلى دمشق ولم ينل طائلا.
ثم إن الأشرف توجه إلى أخلاط بجيوشه ليسترجعها من يد أخيه غازى. وكان قد حشد وجمع، فخرج إلى الأشرف، ووقع القتال بينهما، وقاتل غازى أشد قتال.
وكان أهل أخلاط يحبون الأشرف. فلما خرج غازى وقاتل أطلع أهل أخلاط سناجق الأشرف على الأبراج، وصاحوا:«يا أشرف يا منصور». فعند ذلك هرب غازى إلى القلعة، فأقام يومين ثم نزل إلى أخيه الأشرف، فأقبل عليه ولم يؤاخذه بما فعل. وأقام الأشرف بأخلاط ثلاثة أيام، وجعل فيها مملوكه أيبك والحاجب على. ورد غازى إلى ميافارقين مكانه-مريضا من جراحاته-ورجع الأشرف إلى رأس العين.
وفيها نزل السلطان جلال الدين على أذربيجان واستولى عليها، فبعث إليه الملك المعظم رجلا يقال له الملق، واتفق هو وجلال الدين والمظفر على الملك الأشرف.
وبعث المعظم بولده الناصر داود إلى مظفر الدين صاحب إربل رهينة.
وكان قد ظهر فى الشام جراد كثير فأظهر المعظم أن ببلاد العجم طيرا يأكل الجراد، وأرسل الصدر البكرى يعرف بالملق محتسب دمشق ورتب معه صوفية،