جامع القصر، وصلوا صلاة العيد. ثم خطب بعد الصلاة، ودعى للإمام الظاهر.
ولما كان نهار الثلاثاء، دخل من تخلف عن البيعة، وتكلم محيى الدين بن الجوزى، ودعا للإمام الظاهر. ثم أذن للشعراء فى إنشاد المراثى التى صنعوها فى الإمام الناصر، والتهانى بالإمام الظاهر. ولبس كافة أرباب الدولة ثياب العزاء، وكذلك الزعماء والمماليك والولاة. ورفع القضاة والمدرسون ومشايخ الرباطات الطيالس والطرحات. ثم قرئ على الناس فى الجامع توقيعا نسخته:
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}«اعلموا أيها الناس-رحمكم الله-أنه حيث توفى الله تعالى الإمام السعيد الناصر لدين الله أمير المؤمنين إلى فسيح جناته، وأفاض عليه ملابس رحمته ورضوانه، بعد أن جاهد فى الله حق جهاده، وأدى الأمانة فى بلاده وعباده، استخلف عليكم أشرف مستخلف، وأبرّ خليفة وأرأف، فنصح الأمة فى اختياره، وقام فى استخلافه بواجب شريف نظره واجتهاده. وهو سيدنا ومولانا الإمام الظاهر بأمر الله أمير المؤمنين، ولد سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام، الناصر لدين الله أمير المؤمنين، لا زالت أوامره مطاعة فى جميع أقطار الآفاق، مستعلية على السبع الطباق، بأن ينادى فى جانبى مدينة السلام بالإفاضة بالعدل والإحسان، فى عموم الرعايا بالطول والامتنان، وكف كل يد عادية عن الظلم والعدوان، وإزالة ما أحدثه عمال السوء، ولبسوا فيه من الموّن والتقسيطات، والطروح والتأويلات، فليقبلوا هذه الرحمة العميمة، وليؤدوا حق هذه النعمة الجسيمة، ولتشكروا الله على ما منحكم به فى هذه الأيام التى هذا عنوان شريف مراحمه، ومبادئ عواطفه المقدسة ومكارمه؛ ثم أخلصوا الأدعية فى دوام دولته، والثبات على مفترض طاعته، وصلى الله على سيدنا محمد النبى وآله الطاهرين وسلامه».