رمضان المعظم من هذه السنة. ثم إن السلطان جلال الدين دخل أصبهان ونجا إليها متحصنا فلم يبلغوا فيها أرب، فتوجهوا إلى خراسان، فوجدوا قافلة فيها جماعة من التجار بأموال جمة، فأخذوها وأطلقوا التجار من غير قتل، وقاموا يخربون ويأسرون من وجدوه.
وفيها توفى الملك المعظم عيسى صاحب دمشق-كما يأتى ذكره فى تاريخه.
وبعد هذه الوقعة جهز جكزخان طائفة من التتار إلى خوارزم. وكان أهل خوارزم رجال شجعان لا يعرفون الموت، فنزل التتار عليها، وأقاموا بقية هذه السنة يحاصرونها، وقتل من الفريقين عالم عظيم. وكان القتل فى التتار أعم وأكثر.
وأقاموا عليها خمسة أشهر. فلما عجزوا عن أخذها بعثوا إلى جكزخان، فأنجدهم بعسكر كثيف، وفيهم من أهل البلدان عالم عظيم. ثم إنهم زحفوا على البلد يدا واحدة فأخذوها، وقتلوا جميع من كان بها، ونهبوها. وفتحوا الجسر الذى كان يحجب جيحون عنها، فغرقت.
وتوفى الملك المعظم شرف الدين عيسى-رحمه الله-فى شهر ذى القعدة من هذه السنة، وله من العمر على ما ذكر سبع وأربعين سنة.
وكانت مدة ملكه لدمشق-استقلالا بعد أبيه العادل-تسع سنين وشهورا.
وكان رحمه الله ملكا جليلا شجاعا مقداما. وكانت مملكته ما بين حمص وعريش مصر. وكان عسكره قريب أربعة آلاف فارس، ولم يكن عند أحد من إخوته جند مثلهم فى فرط تجملهم وحسن زيهم. وكان بهذا العسكر القليل يقاوم إخوته. وكان الملك الكامل يخافه ويتحاماه لميل عسكره إليه ومحبتهم له. وكان كثير التواضع جدّا يمشى وحده بغير طرادين، إذا فعل فعلا كان بغير تكلف حتى ضرب به المثل فيقال: