قيس التى تعرف بكيش، وكان فى جمع كثير من المقاتلين، ونازلها، وملكها، وغنم منها أموالا عظيمة، ما لا يقع عليه الحصر. وولى عليها رجلا من خاصته؛ ورحل عنها.
وفيها توفى الملك المسعود أقسيس بن السلطان الملك الكامل صاحب اليمن.
وكان لما بلغه موت عمه الملك المعظم فى سنة خمس وعشرين طمع فى الشام، وفعل أقبح فعل، لم يسبقه إليه أحد من الملوك. وذلك أنه نادى فى بلاد اليمن فى جميع التجّار:«من أراد السفر صحبة السلطان إلى الديار المصرية والشام فليتجهز ليأمن من الحقوق الموجبة عليه». فجاءت التجار من الهند والسند بأموال الدنيا، من كل صنف عجيب. فلما تكاملت التجار فى زبيد، أمرهم أن يكتبوا له سائر ما معهم، وقال:
«إنما القصد حمايتكم من الزكاة بالديار المصرية». فكتبوا له جميع ما معهم، فصار يكتب لكل تاجر رأس ماله، وأخذ الباقى باليد عسفا، فأجمعوا التجار رأيهم، واجتمعوا ببابه، واستصرخوا، وقالوا:«نحن قوم من بلاد شتى، ولنا سنين عن أهالينا، فكيف تأخذ أموالنا؟»، فلم يلتفت إليهم. قال أبو المظفر: بلغنى أن كان ثقله فى خمسمائة مركب، ومعه ألف وسبعمائة خادم، ومائة قنطار عنبر خام، ومائة قنطار عود قاقلى، ونوافج مسك، وبرانى مسك، ومائة ألف ثوب حرير، ومائة صندوق من الجواهر والأموال. ثم ركب الطريق إلى مكة-شرفها الله تعالى-فمرض فى الطريق مرضا شديدا، فما دخل مكة إلا وقد انفلج، ويبست يداه ورجلاه، ورأى فى نفسه العبر. فلما احتضر، بعث إلى رجل مغربى من المجاورين بمكة، وقال له:«والله ما أرضى لنفسى من جميع ما معى كفنا أتكفن فيه، فعسى تتصدق علىّ بكفن».
فأرسل إليه نصفيتين ومائتى درهم، ودفن فى المعلى. وقيل: إن الهواء ضرب بعض المراكب، فعادت إلى زبيد، فأخذوها أصحابها.