فى الوادى من قوة الضباب، ما رأوه. وأصبحوا ما بين أسرى وقتلى. وغنم المسلمون-منا ومن الروم-جميع أموالهم وأثقالهم وخيلهم وسلاحهم، وامتلأت تلك الأودية من قتلاهم. وقال الأشرف لصاحب الروم:«لا بد لى من أخلاط»، فأعطاه ولأصحابه من الأموال والخيل والنجب والقماش ما قيمته ألفى ألف دينار. ورجع الرومى إلى بلاده. وجرد من الملك الأشرف بعض عسكره، فنزل أرزن الروم، وكان صاحبها مع جلال الدين، فأخذها الأشرف منه ومسكه، ونفذه إلى صاحب الروم، وسلم أرزن إلى نوابه. وسار إلى أخلاط. ولما وصل الخوارزمى مكسورا إلى أخلاط أخذ جميع ما كان له فيها، والكرجية [زوجة الأشرف]، وإخوة السلطان ونزل على أرجيش. وجاء الأشرف إلى أخلاط، وسار خلف الخوارزمى، فأبعد عنه.
وتراسلوا، واصطلحوا على أن الخوارزمى يطلق من عنده من الأسرى، فأطلق إخوة السلطان، وبعث بهما إلى الإمام المستنصر بالله، فأنعم عليهما الخليفة، وأرسلهما إلى أخيهما مع رسول من جهته. وأقام الأشرف شهرا، ثم عاد إلى أخيه الكامل ودخل مصر. وتسلم أخلاط شهاب الدين غازى بعد أخذها من نواب الخوارزمى. وترك الطواشى شمس الدين صواب بحران والرها.
وفى شوال سيّر السلطان الملك الكامل الطغتكين واليا على مكة، شرفها الله تعالى.
وفيها بعث الأشرف أخاه الملك الصالح إسماعيل المعروف بأبى الخيش إلى بعلبك وحاصرها، وصاحبها الملك الأمجد. ثم قدم الأشرف بنفسه إليها. ثم دخل بينهما فى الصلح الصاحب صفى الدين. وأخذت بعلبك من الملك الأمجد. ثم إنه قتل بعد ذلك بخمسة أشهر، قتله مملوك له. ثم إن ذلك المملوك رمى بنفسه من أعلى القصر فهلك. وكان مدة مملكته بعلبك تسع وأربعين سنة، ملكها سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وكان جيد الشعر حسنه.