وعشرين ألف نفرا من المسلمين وأحرقوها. وعادوا إلى أخلاط، وكانت بوادر الشتاء قد أقبلت، ووصلت طائفة منهم إلى نصيبين. وكان جلال الدين لما وصل إلى تلك القرية التى من عمل ميّافارقين وحده، وليس معه غيره، أنزله بعض الأكاريد عنده، وطمعت نفسه فى ما كان عليه من القماش، فقتله عندما نام فى الليل. فبلغ المظفر شهاب الدين غازى ذلك، فنفّذ أحضر الكردى، وأحضر قماش السلطان جلال الدين وفرسه، وتأسف عليه، وأمر بقتل جميع أهل تلك القرية كبيرهم وصغيرهم، تأديبا لغيرهم، بحيث لا يعود أحد يجسر على الملوك. وانقطع ملك جلال الدين، وتشتت الخوارزمية وتمزقوا كل ممزق.
قال المنشى فى تاريخه-وهو مصنف سيرة السلطان علاء الدين وولده جلال الدين-: إن الذى ملكه السلطان جلال الدين بعد أبيه علاء الدين أربع مائة مدينة، مثل خراسان وأصبهان وسمرقند وبخارا، وأنظارهم، فشرهت نفسه حتى قتله شرهه.
وكان قد أساء السيرة فى آخر وقت، وبدت منه أمور تلى إلى الجنون، لابل هو الجنون بعينه. منها أنه كان له مملوك يسمى قاشى، وكان يحبه محبة عظيمة، فمات ذلك المملوك، فحزن عليه حزنا شديدا حتى أخرجه عن حدّ الاعتدال. وأمر أن يجعل فى تابوت وصبّر. وكان يحضر تابوته على الطعام والخوان، ويقول ساعة ساعة:
«اطلبوا قاشى! جيبوا قاشى!». ويسيّر إليه الطعام من قدامه، والفاكهة والحلوى،