لوزيره جمال الدين بن جرير:«فى أى شئ تكفنونى؟». فقال:«حاشاك يا خوند».
فقال:«دعنى من هذا الكلام. لا تكفنى من هذه الخزائن فى شئ؛ فإنهن لا يخلون من الجنايات». وكان عماد الدين موسك حاضرا فقال له:«قم واحضر الوديعة التى عندك». قال: فمضى، وعاد على رأسه ميزر صوف أبيض، يلوح منه نور الرضى، ففتحه فإذا فيه خروق الفقراء، وطاقيات الأولياء مثل الشيخ مسعود الرهاوى، والشيخ يونس البيطار، والشيخ على الفاسى، وجماعة من الأولياء الكبار. وكان فى جملتهم إزار عتيق، ما يساوى خمسة دراهم. فقال: هذا يكون على جسدى، ألقى به ربى، فإن صاحبه كان من الأبدال. أقام بالرها يزرع قطعة زعفران يتقوت منها برهة من الزمان. وكنت أزوره وأعرض عليه المال يمتنع، فقلت له يوما:«أنا أعرض عليك المال ولا تقبل فأريد من أثرك شيئا أجعله كفنى»، فدفع إلىّ هذا الإزار وقال:«لقد أحرمت فيه عشرين حجة». وكان آخر كلام الملك الأشرف يقول:«لا إله إلا الله». وتوفى يوم الخميس رابع المحرم من هذه السنة. ودفن بالقلعة. ثم نقل إلى تربته بالكاملية، فى جمادى الأولى، رحمه الله تعالى.
قال أبو المظفر: حكى لى الفقيه محمد اليونانى ببعلبك فى سنة خمس وأربعين وستمائة، عند عودى من بغداد، قال: حكى لى فقير صالح من جبل لبنان، قال: رأيت الأشرف بعد موته فى النوم، وعليه ثياب خضر، وهو يطير بين السماء والأرض، مع جماعة من الأولياء، فقلت له:«يا موسى إيش تعمل مع هؤلاء، وأنت كنت تفعل فى الدنيا ما كنت تفعل». قال: فالتفت إلىّ وتبسّم وقال: «الجسد الذى كان يفعل تلك الأفاعيل تركناه عندكم. والروح التى كانت تحب هؤلاء صارت معهم».
رحمه الله.
ولم يخلف الملك الأشرف من الأولاد غير بنت واحدة تزوجها الملك الجواد