صاحب هذه البلد، مات أبى واستولى بكتمر على البلاد، وتغيّرت الدّول، ولى ضيعة أعيش منها، أخذها الحاجب علىّ، وما عدت أعيش إلا من عمل النقش للناس، وساكنة فى دار بالأجرة». قال: فبكيت، ورقيت لها رقة عظيمة، وأمرت أن يكتب لها توقيع مؤبد بضيعتها، ملعونا من يغير عليها أو يتعرض لها. وأمرت لها بقماش، ومال جيد، ودار تسكنها تصلح لها، وخادم وجاريتين. وقلت:
«بسم الله، ومهما كان لك من الحوائج والأشغال سيّرى هذه العجوز». فقالت العجوز:«يا خوند! ما جاءت إلى هاهنا إلاّ لخدمتك. تقدم نفسها لتحظى بك الليلة». قال: فو الله لقد غاب صوابى، وأوقع الله تعالى فى قلبى تغيّر الزمان، وأنه يملك أخلاط غيرى. ويحتاج أهلى إلى مثل ذلك. قال فقلت:«يا عجوز! معاذ الله! والله ما هو شيمتى، ولا خلوت قط بغير حلالى. فخذيها وانصرفى فى دعة الله. وهى العزيزة الكريمة». فقامت وهى تقول:«صان الله عواقبك».
والذى بناه الأشرف من الأبنية الحسنة، مسجد أبو الدرداء بقلعة دمشق وزخرفه، والمسجد الذى عند باب الصغير، ومسجد القصب الذى بظاهر باب السلامة، وأوقف عليهم الأوقاف الحسنة. ودار الحديث، وهى النورية. والتربة التى له بالكلاسة. جميع هذا بدمشق خارج أعماله فى الشرق وفى أخلاط وغيرها.
ومع عدة خانات للسبيل فى سائر البلاد. وكان حسن الظن بالله تعالى، يزور الصالحين ويتفقدهم بالمال والأطعمة الطيبة والحلاوات الحسنة، شئ كثير مما يطول شرح ذلك.
قال أبو المظفر: مرض الملك الأشرف فى شهر رجب مرضتين مختلفتين، فى الأعالى والأسافل، حتى كان الجرائحى يخرج العظام من رأسه وهو يسبّح الله تعالى ويقدسه ويحمده. ثم قوى عليه ذلك فى آخر سنة أربع. فلما يئس من نفسه قال