وأعطى، وبطّل المكوس والخمور. وأما الناصر، فإنه أقام بالقابون أياما، ينتظر الغوائل والفرصة، فأجمع الأمراء رأيهم على القبض عليه، فسير إليه فى الباطن عماد الدين بن موسك يعرفه، فرحل ونزل قصر حجاج، ثم قصر عفرا، وأقام.
فجردوا إليه عز الدين أيبك الأشرفى ليمسكه. فلما بلغه سار إلى عجلون، ثم سار من عجلون إلى غزة، واستولى على الساحل. فتجهز الملك الجواد، وخرج إليه فى عسكر مصر والشام، وقال للأشرفية:«كاتبوه وطمعوه»، ففعلوا واغترّ بذلك، فساق من غزة فى سبع مائة فارس بجميع خزائنه وأثقاله-وكانت على سبع مائة جمل-وترك عساكره منقطعة خلفه، وضرب دهليزه على سبسطية، والجواد على جينين. ثم ساق عليه الجواد، وأحاط بالناصر، فهرب فى نفر قليل إلى نابلس، وترك أمواله وأحماله، فأخذها الملك الجواد بأحمالها، واستغنى بها، وافتقر الناصر إلى آخر الأبد.
قال أبو المظفر: وبلغنى أن عماد الدين بن الشيخ وقع بسفط فيه اثنا عشر قطعة من الجوهر مع فصوص ليس يعرف لهم قيمة فيعبر عنها، فدخل على الجواد، واستوهبه منه، فوهبه له. ثم سار الناصر لا يلوى على شئ حتى طلع الكرك. وكانوا قد أشاروا عليه أن ينفذ خزائنه إلى الكرك، ويتقدم، فإذا حصل له الغرض كانت الأموال قدامه، فلم يلتفت إلى مشورة من أشار، واغترّ بمكاتبة الأمراء الأشرفية، ولله فى خلقه أسرار خفية، وحكم مطوية. ثم توجه فخر الدين بن الشيخ إلى الديار المصرية، وبها يومئذ الملك العادل الصغير سيف الدين أبو بكر بن السلطان الملك الكامل.
واستقر الملك الجواد نجم الدين أيوب بن السلطان صلاح الدين ملكا بدمشق.