السلطان غياث الدين كيخسرو المذكور، وتولى العقد القاضى كمال الدين بن العديم، على مذهب أبى حنيفة-رضى الله عنه-وذلك لصغر سنّ الزوجة. ووقع العقد على صداق مبلغه مائة ألف درهم، ونثروا الذّهب والفضة، واللؤلؤ. وفى تلك الساعة وصلت البطاقة أن عسكر حلب أخذوا المعرات، فضربت البشائر بحلب. ثم سير الملك الناصر القاضى كمال الدين بن العديم رسولا إلى غياث الدين صاحب الروم، وكتب على يده توقيعا أنه قد أوهبه الرّها وأعمالها، وسروج وأعمالها، وملكها له تمليكا صحيحا شرعيا، وأشهد عليه فيه بذلك. وهذان البلدان لم يكونا تحت أمره ولا فى سلطانه، وإنما كانا فى مملكة الملك الصالح. فلما بلغ الملك الصالح ذلك صعب عليه، وحصل التنافس فى ذلك.
وفيها نزل الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل على سنجار، وفيها الملك الصّالح، وحاصره، ولم يظفر بطائل. وسيّر الملك الصالح القاضى بدر الدين يوسف ابن الحسن إلى الخوارزمية، يستدعيهم إليه ويسترضيهم، وضمن لهم القاضى عن الملك الصالح كل ما يريدون منه، وأقطعهم البلاد، من جملتها حرّان والرّها وسروج، فعادت الخوارزمية إلى خدمته. فلما بلغ بدر الدين لؤلؤ ذلك من رجوع الخوارزمية إلى خدمة الملك الصّالح، هرب إلى الموصل، فتبعوه وكسروه كسرة شنيعة. ثم جهز لهم صاحب الروم جيشا كثيفا، فالتقوا معه أيضا، وكسروه، واستقام ملك الملك الصّالح بهم، وعظم شأنه، وخشيته الملوك.
وفيها خطب للسّلطان غياث الدين صاحب الروم بحلب، مع الناصر، وضرب اسمه على الدرهم والدينار مع اسم الملك الناصر.
وفيها حصل الاتفاق بين الملك الجواد صاحب دمشق والملك الصالح صاحب الشرق، بالمقايضة: دمشق بسنجار وعانة. وسبب ذلك أن الملك الجواد ضاق ذرعه وعجز عن القيام بمملكة الشام.