للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسبب ذلك أنه كان سلّط عليهم خادما يقال له الناصح، فأخذ أموال الناس باليد، وصادرهم، وضربهم بالسياط، وعلّقهم بأرجلهم، واستخرج منهم ستمائة ألف درهم.

فلمّا خرج الجواد من دمشق وقف الناس للملك الصّالح، فسيّر إليه يقول له:

«ردّ على الناس أموالهم»، فلم يلتفت لذلك. ومات والأموال فى ذمته.

وكان قبل ذلك-وقبل المقايضة-قد قبض الجواد على صفى الدين بن مرزوق وأخذ منه أربع مائة ألف دينار، واعتقله فى قلعة دمشق، فأقام ثلاث سنين.

حكى الشيخ إبراهيم المرزوقى قال: لما توفى السلطان الملك الكامل، وتولى الملك الجواد، وعاد لا يفعل شيئا إلا برأى الملك المجاهد صاحب حمص، استشعر صفى الدين بن مرزوق من الملك المجاهد أنه قاتله، لما كان بينهما من العداوة لما استوزره الأشرف، فصنع صفى الدين تابوت خشب، وترك فيه جواهر عظيمة، ولؤلؤا وفصوصا وياقوتا، لهم صورة كبيرة، وأظهر أن إحدى سراريه قد ماتت، وهى عزيزة عنده، وأنه يريد دفنها فى داره التى داخل مدرسة نور الدين الشهيد، بالقرب من الخواصين، التى تعرف اليوم بالنجيبة الشافعية. وفيها قبة، ولها شباك إلى الطريق.

ثم أطلع التابوت على رقاب غلمانه إلى الجامع، وحضرت كبار دمشق، وصلوا على الميتة التى زعم أنها فى ذلك التابوت، وعمل العزاء والمآتم. وانفصل الحال، وعاد المقرئ يتردد للقراءة على ذلك القبر الذى فيه التابوت. وسلم الصفى مفتاح القبة للشيخ إبراهيم المرزوقى-ناقل هذا الحديث-ثم مسك الصفى بعد ذلك بأشهر يسيرة، وأخذوا منه ما ذكرناه، واحتمل أمورا كثيرة، ولم يعترف بذلك التابوت، واعتقل بقلعة دمشق. فلما مضى على ذلك قليل، اختصم خادم كبير للصفى مع خادم صغير،