أبو أحمد عبد الله أمير المؤمنين». ثم استدعى إلى دار الخلافة الولاة والزعماء والمدرسون، ومشايخ الرباطات، والأعيان. وفتح باب العامة، فدخل المذكورون وعليهم ثياب العزاء. وانتهى بهم المشى إلى بستان التاج الشريف. وقد نصب بين يدى شباك المبايعة كرسى بدرج، والوزير جالس على أعلى درجة، ومن دونه الأستادار يأخذ البيعة على الناس. ونصها:«بايع سيدنا ومولانا أمير المؤمنين على كتاب الله وسنة نبيه واجتهاد رأيه الشريف، وأن لا خليفة للمسلمين سواه». فبايع الناس أولا فأولا على قدر درجاتهم. ثم أسبلت الستارة، واحتجب بها. ولم تزل المبايعة إلى يوم الاثنين ثالث عشره.
ثم تقدم من حضر من الناس، وأمر بالحضور بين يديه إلى دار النوبة. ووصلت محفة الوزير إلى باب الرّواق. وجلست الصدور حوله على قدر مراتبهم، وقرئ القرآن العظيم، وختمت الختمة الشريفة. وتكلم الإمام جمال الدين بن الجوزى، وهو أبو الفرج عبد الرحمن بن محيى الدين يوسف. وانقضى المجلس.
واستقر خليفة إلى حين أخذ التتار بغداد، فى سنة ست وخمسين وستمائة، فى شهر المحرم، فكانت خلافته خمس عشرة سنة، وثمانية أشهر. وأخرج من خلافته ومحلّ سلطانه [فى] السابع والعشرين من الشهر المذكور، حسبما يأتى من ذكر ذلك فى تاريخه.
وكان لهما أخ يعرف بالخفاجى، كان يزيد على المستنصر بالله فى الشهامة. وكان يقول:«إن ملّكنى الله أمر الأمة لأستنقذن من التتار جميع ما ملكوه من بلاد المسلمين». فأضرب عنه أرباب الدولة لشهامته، ومالوا للمستعصم، للينه، ليكونوا الحكام عليه. وكان ذلك لأمر قد قدر.
وكان فيه هوج، وطيش، وظلم، مع بله، وضعف، وانقياد إلى أصحاب السخف. يلعب بطيور الحمام، ويركب الحمير المصرية الفره، غير ناظر إلى أمر مصالح