وضربوا مع التتار مصافا. وكان التتار فى جمع عظيم، فكانت الكسرة فى الأول على التتار. ثم ردوا ردة على المسلمين، فانكسروا كسرة عظيمة، وقتل منهم خلق كثير، وهرب كل ملك إلى جهة. واستولى التتار على البلاد. ورجع عسكر حلب فى أنحس حال. واستولى على الممالك التتار.
واستقر بملك الرّوم بعد وفاة صاحبه عز الدين كيكاوس، وأخوه ركن الدين قليج أرسلان. ثم هرب كيكاوس إلى قسطنطينية، واستقل قليج أرسلان بملك الرّوم. هذا والخوارزمية بغزة، تحت أوامر الملك الصّالح نجم الدين أيوب صاحب مصر، ومقدموهم يومئذ أربع خانات وهم: حسام الدين بركة خان، وزين الدين خان بردى، وعز الدين صاروخان، وبهاء الدين كشلوخان. وكانوا فى عشرة آلاف فارس. وأفسدوا فى طريقهم-حتى أتوا إلى غزة-ما وصلت إليه قدرتهم من كل فعل قبيح. وكان عسكر دمشق مجرّدا على غزة، فلما بلغهم مجئ الخوارزمية، هربوا إلى دمشق. وهرب الملك الناصر داود إلى الكرك. وهربت الفرنج الذين كانوا ببيت المقدس إلى عكا. ونهبت الخوارزميّة القدس، وقتلوا كل من وجدوه فى طريقهم من النصارى، ودخلوا كنيسة قمامة، وأخربوا القبور التى فيها، وأحرقوا عظام الموتى. ثم نزلوا غزة بعد فساد كثير. ثم سيروا رسلهم إلى الملك الصّالح أيوب بمصر، يستأذنونه فى محاصرة دمشق، ومحاربة الصالح إسماعيل عمه.
فأخلع على رسلهم وأعطاهم الأموال، وسير الخلع والأموال الجزيلة إلى مقدمى الخوارزمية. وجهز من عنده عسكرا من المصريين، نجدة للخوارزمية، مع أمراء كبار من الأكراد، وكانوا أيضا أتوا من الشرق نجدة للملك الصّالح أيوب.