ثم إن الصالح إسماعيل وفد على حلب فى جماعة من الخوارزمية، منهم كشلوخان، هاربين من الملك الصّالح أيوب. ولم يبق لإسماعيل مكان بالشام يؤويه، فتلقاهم الملك الناصر يوسف صاحب حلب، ونزل الصالح إسماعيل فى دار جمال الدين الخادم.
ثم قبض على كشلوخان ومن معه من الخوارزمية، وملأ بهم الحبوس.
ثم إن السلطان الملك الصالح أيوب توجه إلى بعلبك ورتب أحوالها، ورجع إلى نحو صرخد. ومشى الأمير ناصر الدين القيمرى فى الصلح، وكذلك جمال الدين ابن مطروح، بين السلطان وبين الأمير عز الدين صاحب صرخد، بوساطة شمس الدين بن العميد أيضا. وخرج الأمير عز الدين عن صرخد، ونزل فى ميدانها، وتسلمها السلطان، ورجع عز الدين فى خدمته إلى دمشق. ونزل النيرب وكتب له منشورا بقرقيسيا والمجدل، وضياعها فى الخابور، فلم يحصل له منها شئ.
ثم إنه أحسن إلى أهل دمشق، وتصدق على فقرائها بجملة مال، وخلع على أعيان الدماشقة. ثم توجه السّلطان إلى ديار مصر، ودخل القدس الشريف، وتصدق على فقرائه وقوّامه، ومجاوريه، بألفى دينار. وأمر بعماره سوره، وقاسه، فكان ستة عشر ألف ذراع، فقال:«اصرفوا مغل القدس فى عمارته، وإن عازه شئ بعث من مصر». وأمنت البلاد واطمأنت أهلها، بعد قتله بركة خان مقدم الخوارزمية.
وحكى الشيخ تقى الدين أبو بكر بن الجوزى-رحمه الله-قال: حكى لى بعض كتاب الخوارزمية بالقاهرة فى سنة خمس وستين وستمائة قال: كان لبركة خان منجّم نصرانى ينظر فى لوح كتف الغنم، فنظر له يوما فقال:«لا بد ما تطلع حلب، وتعلو قلعتها فى الشهر الفلانى». واطمأن بركة خان، وركن لقوله. ثم إنه حرّر عليه المسألة