وكان له ولد، أنعم بإقطاع والده عليه، وإن لم يكن له ولد أنعم به على خشداشه.
واستسن مماليكه الترك من الملوك هذه السنّة منه، رحمه الله تعالى.
وأمّا أوصافه المعنوية، فإنه كان إذا جلس بين مماليكه لا يقدر أحد أن ينطق بحرف، ولا ينقل قدم عن قدم، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا، وهم يرعدون منه هيبة وجلالة. وكان مع هذه العظمة لا يكاد يرفع عينه من الأرض، ولا ينظر إلى شئ من محارم الله عز وجل، ولا يسمع أحد من لفظه شتمة. وإذا غضب على أحد من غلمانه أو مماليكه يقول:«يا سبحان الله، ما كان الأمر كذا وكذا».
وكان حسن الدين، جيّد العقيدة، كثير الميل إلى مطالعة الكتب والعلوم وأخبار الناس، يحب أرباب الفضل والأدب، كثير الميل إلى العلماء وأرباب كل فضيلة، ويحب تشييد العمائر، وبناء القصور والمناظر، والنزهة. وكان يباشر البناء بنفسه، ويهندسه بعقله ما لا تصل إليه المهندسون. وبنى قلعة المقياس، والكبش، والصّالحية، مع عدة أماكن وقصور ومستنزهات.
وكان سبب موته السقية التى صنعها له الأمير عز الدين أيبك صاحب صرخد.
وذلك أن السلطان الملك الصالح لما أخذ صرخد من الأمير عز الدين-رحمه الله- وأعطاه تلك البلاد المقدم ذكرها، لم يتحصّل له منها شئ، وخشى السلطان عاقبة أمره، لما كان يعلمه منه من التدبير وحسن السياسة، فأعاده إلى صرخد، وأنعم عليه، وأفكر فى قتله. وكان الأمير عز الدين سليم الصدر، حسن اليقين، فظن أن باطن السلطان صفى له. ثم إن السلطان يتحقق من الأمير عز الدين الدين المتين، وحبه لتلاوة القرآن. وكان يختم فى كل يوم وليلة ختمة، فصنع له السلطان ختمة عظيمة، بخطّ منسوب، مكتوبة بالذهب، وسمّ جميع أوراقها، وأهداها للأمير عز الدين