وذلك فى سنة ثلاث وسبعمائة، فأقام إلى سنة عشر وسبعمائة، نقله إلى الشام بسؤاله، وجعله مهمندارا. ثم ألزم بشاد الدواوين بدمشق، فأقام سنة، ثم تخلص، إلى أن توفى رحمه الله، فى شهر رجب سنة ثلاث عشرة وسبعمائة.
وخرج بنا تلاوة الكلام بعضه ببعض عن الغرض المقصود، من ذكر وفاة السلطان الملك الصالح، رحمه الله تعالى. قال والدى-رحمه الله-: حدثنى هذا الرجل الذى شرى أمى، وكان رجلا فقيها، صوفيّا، فاضلا، محققا، له عندى كتاب تأليفه بخطه فى التصوف، سماه «لباب اللباب فى علم التصوّف والآداب» -ولقد أحسن فيه كل الإحسان، قال: لما أعرض السلطان الملك الصّالح ذخائر الأمير عز الدين أيبك، رأى ذلك السرج، فركب فيه من يومه، ولعب الأكرة فى ميدان صرخد، فرحا بموت عز الدين، فعلقت فيه السقية من تلك الساعة، ولم تزل تعمل فيه حتى مات، فكان عز الدين قاتل قاتله.
ولمّا توفى السلطان الملك الصالح، رحمه الله، على ثغر دمياط فى التاريخ الذى ذكرناه، أخفى موته، وقام الأمير فخر الدين بن الشيخ مدبر الدولة، وجمع الأمراء، وقال: إن السلطان رسم أن تحلفوا لولده غياث الدين توران شاه، ولقب بالمعظم، فامتثلوا ذلك. وعاد ابن الشيخ القائم بأمور المملكة، وغياث الدين بعد فى حصن كيفا. وسير خلفه الأمير فخر الدين، وسيّر إلى القاهرة أن يحلّفوا من كان بها من الأمراء والجند للملك المعظم غياث الدين توران شاه. هذا كله والناس لا يعلمون بموت السلطان الملك الصّالح، رحمه الله.
وكانت تخرج علامته على الكتب، وهى أيوب بن محمد بن أبى بكر بن أيوب، يكتبها عنه خادم يعرف بالسهيلى.
قال ابن واصل: أن كان الأمير حسام الدين محمد بن أبى على الهذبانى عند السلطان أوثق وأمكن من الأمير فخر الدين يوسف بن الشيخ. وكان لما ملك السلطان الديار (٢٥ - ٧)