يعلّم العلامة خادم يسمى سهيل. ثم إن الأمير فخر الدين بن الشيخ تصرّف فى الملك، وأطلق للأمراء، وبذل الأموال، وأخلع الخلع السنية. فعند ذلك تحققت الناس موت السلطان. وبلغ الفرنج ذلك، فجدوا فى القتال، وزحفوا إلى المسلمين، ووصلوا إلى فارسكور. ثم تقدموا منزلة أخرى، ليأخذوا الديار المصرية.
ولما كان يوم الخميس مع يوم الجمعة ورد كتاب إلى القاهرة المحروسة، فى جملته:
{اِنْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْاالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ»} الآية. وفيه تحريض كثير، وحث على الناس. وكان ذلك يوما عظيما بالقاهرة من البكاء والعويل، وخرج الناس على وجوههم قاصدين الجهاد.
فلما كان يوم الثلاثاء سلخ شهر رمضان المعظم كانت الوقعة العظيمة بين المسلمين والفرنج، قتل من الفئتين خلق كثير. ثم نزل الفرنج قبال المسلمين على المنصورة، وعاد بينهما بحر أشموم. وكان فى البر الغربى من ناحية جوجر أولاد الملك الناصر داود صاحب الكرك، وإخوته. وفى ذلك النهار عملت الفرنج خندقا عظيما، وداروا عليه سور، ونصبوا المناجنيق يرمون بها المسلمين. وشوانى الفرنج وغربانهم بإزائهم على المنصورة. ثم استمر القتال بين الفريقين ليلا ونهارا إلى يوم الأربعاء، هرب من الفرنج ستة نفر من فرسانهم، وأتوا إلى الأمير فخر الدين بن الشيخ مدبر الدولة، وأخبروا أن الفرنج فى ضائقة عظيمة من عدم القوت عندهم.
وفى يوم الجمعة وصل الخبر أن الملك المعظم توران شاه وصل إلى عانة وحديثة.
ثم ورد الخبر أنه وصل دمشق، ثم نزل القصير. ثم وصل للفرنج ملك كبير