للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: كان بين الوالد، سقى الله عهده، وبين القاضى تاج الدين بن الاثير المشار اليه صحبه اكيده من ايام استاد الوالد الامير سيف الدين بلبان الدوادار الرومى رحمهما الله. وكان للعبد اخوين (٣) اكبر منى، وكان القاضى تاج الدين ادا هل الشهر يسير يطلبنا الثلاث (٤) ويبصر الهلال على وجوهنا. وكان يقول للوالد: يا جمال الدين، انا استبارك بوجوه بنيك، فانهم (٥) حسنه. وثوارثنا الصحبه مع اولاده، القاضى عماد الدين اسماعيل، ثم صحب المملوك القاضى علا الدين على ولده الى ان توفى فى تاريخ ما ياتى ذكره انشاء الله تعالى.

حدثنى والدى رحمه الله عن القاضى تاج الدين المدكور (٣٨) قال، حدثنى الامير عز الدين ابن (٩) ابى الهيجا ان الامير سيف الدين بلغاق حدثه ان الامير بدر الدين بكتوب الاتابكى حدثه قال: كنت انا وقطز الملك المظفر، وبيبرس البندقدارى الملك الظاهر، خشداشيه فى حال الصبى، نكون اكثر اوقاتنا مجتمعين نركب جميع (١١) ونمشى جميع (١٢) فاتفق ان نحن يوما رءينا منجم فى بعض الطرقات بالديار المصريه، فوقفنا عليه فقال له قطز: ابصر لى. قال [بدر الدين] فضرب، ثم صوّب فيه النظر وحسب، وعاد يكرر اليه النظر طويل (١٤). فقال [قطز]: ايش تقول تكلم. فقال: انت تملك مصر وتكسر التتار. قال فتضاحكنا منه. ثم قال له بيبرس البندقدارى: وابصر لى انا ايضا. قال [بدر الدين]: فضرب، ثم عاد ينظر الى الاخر طويل (١٦) وقال: ان هدا لعجيب، وانت والله ايضا تملك مصر وغيرها، ويطول ايامك، فازداد ضحكنا.

ثم قلت: وانا ايضا ابصر لى. فضرب وقال: وانت يحصل لك امريه (١٨) كبيره، وهدا سببها-واومى (١٩) الى البندقدارى-ويقتل هدا-واشار الى قطز. قال [بدر الدين]:

فو الله ما اخرم قوله كلمه واحده. وهدا ما حكاه القاضى تاج الدين بن الاثير للوالد رحمهما الله جميعا.


(٣) اخوين: أخوان
(٤) الثلاث: الثلاثة
(٥) فانهم: فإنها--وثوارثنا: وتوارثنا
(٩) ابن: بن
(١١) جميع: جميعا
(١٢) جميع: جميعا--رءينا: رأينا--منجم: منجما
(١٤) طويل: طويلا
(١٦) طويل: طويلا
(١٨) امريه: إمرة
(١٩) واومى: وأومأ