للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: ايش هدا القول، ومن اعلمك بهدا؟ فقال [حسام الدين]: والله، هدا قطز هو خشداشى، كنت انا وهو عند الهيجاوى ونحن صبيان، وكان عليه قمل كثير، فكنت اسرّح راسه، وكلما قتلت قمله يعطينى فلس (٣) او صفعه. فلما كان فى بعض الايام اخدت عنه قمل (٤) كثير، وشرعت اصفعه، ثم تنهدت وقلت: «اتمنى على الله اميريه خمسين فارس (٥)». قال [حسام الدين]: فشال راسه من حجرى وقال: «طيّب قلبك، انا اعطيك امريه (٦) خمسين فارس». قال: فصفعته واحده قويه وقلت:

«وايش هو انت (٧) حتى تعطينى امريه». (٣٧) فقال: «انت تتمنى امريه خمسين، وانا والله اعطيك». قال [حسام الدين]: فصفعته اخرى اقوى من الاوله (٨)، وقلت: «انت تجننت». فقال: «لا والله يا خشداشى، الاّ انا املك مصر واكسر التتار». فقلت:

«من اين لك هدا؟» فقال [قطز]: «والله رايت النبى صلى الله عليه وسلم فى منامى فقال لى: انت تملك مصر وتكسر التتار. وقول النبى صلى الله عليه وسلم فما فيه شك».

قال [حسام الدين]: فسكت عنه، وكنت اعرف منه الصدق فى حديثه. فتنقلت به الاحوال الى ان صار الحاكم فى الدوله المصريه، وما اشك انه يملك مصر ويكسر التتار كما قال. قال القاضى تاج الدين، فلما قال لى هدا قلت له: يهنيك (١٤) والله ملك مصر.

فقال: والله ولا يكسر التتار احد غيره. فلم تمضى (١٥) الا اشهر حتى خرج وكسر التتار.

قال القاضى تاج الدين: ثم رايت حسام الدين البركتخانى بالديار المصريه بعد كسره التتار وهو امير خمسين فارس (١٧)، فسلم علىّ وقال: تذكر، يا مولانا تاج الدين، ما قلت لك فى الوقت الفلانى. قلت: نعم. قال [حسام الدين]: والله حال ما عاد الملك الناصر الى حلب طلبت انا مصر، واجتمعت بالسلطان المظفر رحمه الله، واوفانى بوعده، واعطانى امريه (٢٠) خمسين فارس كما ترا.


(٣) فلس: فلسا--صفعه: المقصود «أصفعه»
(٤) قمل كثير: قملا كثيرا
(٥) فارس: فارسا
(٦) امرية: إمرة--فارس: فارسا
(٧) وايش هو انت، انظر النجوم الزاهرة ج‍ ٧ ص ٨٨ س ٦ و ٧ - امريه: إمرة
(٨) الاوله: الأولى
(١٤) يهنيك: يهنئك
(١٥) تمضى: تمض
(١٧) فارس: فارسا
(٢٠) امريه: إمرة--فارس: فارسا--ترا: ترى