للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعملت اشياء كثيره مما كانت الحرفا تعملها (١) بين يدى ملوكنا. قال: فاعجبته واعجبت الخواتين، وضحكوا وانشرحوا (٢)، وهلاوون يتبسم. ثم امرنى بالجلوس، فجلست.

وعدت نديم حضرته، وانا احكى له كل نادره وعجيبه، (٤٧) وعدت اعزّ الناس عنده وعند الست طقز خاتون زوجته، واقمت عنده عشره ايام بلياليها، خمسه قبل نزوله على حصار حلب، وخمسه بعد نزوله على حلب. قال الصارم، فقال لى فى الليله الخامسه من حصار مدينه حلب: «فى كم تقول ناخد هده البلد؟» يعنى حلب. فقلت:

فى عشره (٧) سنين!». فقال: «فالقلعه؟» قلت: «فى عشرين سنه!». وكان قصدى بهدا رحيله عنها. فقال-وقد غضب من قولى-: «والله لولا ما سبق من امانك كنت متّ، هدا تكون همة ملوككم المخنّثين المشتغلين ببعضهم البعض». قال [الصارم]:

فاستدركت الفارط، وقلت: «صدق القان، حفظه الله، انا ما لى خبره الاّ بحروب ملوكنا، وامّا همه القان، وعلو اقتداره، فما اعلم». فلما رد عليه الحاجب، وشدت منى زوجته واسعفتنى فى الكلام، رجع عن غيظه. قال الصارم ازبك:

فما فرغ معى من الكلام الا وقد دخل عليه رجل من المغل وفى يده راس مقطوعه من رؤس (١٤) التتار، صفه شاب، لا شعر فى وجهه؛ فرماها بين يديه، وتحدث معه بالمغلى، وانا لا افهم ما يقول، ثم اخد الراس، وخرج. فالتفت الىّ الحاجب وقال:

«تدرى ما هده الراس، وهدا الرجل؟» قلت: «لا». قال: «هدا الرجل كبير مقدّمى التتار، وكان فى نقب من نقوب حلب، فخرج لبعض شغله، وترك ولده مكانه (١٧)، فخاشفهم الحلبيين (١٨)، وهجموا عليهم فى النقب. فهرب ولده، وهرب الدين معه لهروبه.

فبلغ ابوه (١٩) دلك، فدخل النقب، وقطع راس ولده، وجاء بها الى القان، كما ترى».

قال ازبك: فتحققت عند دلك انهم يملكون حلب والقلعه فى الايام اليسيره.


(١) كانت الحرفا تعملها: كان يعملها الحرفاء
(٢) وضحكوا وانشرحوا: وضحكن وانشرحن
(٧) عشره: عشر
(١٤) رؤس: رؤوس
(١٧) مكانه: فى مكانه
(١٨) الحلبيين: الحلبيون
(١٩) ابوه: أباه