للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى الصارم ازبك ايضا، قال: وقفت بين يدى هلاوون، فرسم ان اجلس.

فقلت: «يحفظ (٢) الله القان، كان-والله- (٤٨) ودّ الملوك ان يكونوا بين يديك نسبه هولاء المماليك الدين بين يدى القان، وانما حرمة القان عظيمه». قال: فاعجبه. وقال:

«يا ازبك، تقدر تحضر استادك الأشرف؟» قلت: «نعم، حفظ الله القان». قال: فامرلى بخيل البريد. فقلت: «على شرط لا يفتح القان القلعه حتى احضره بين يديك»، ثم خرجت من ساعتى وركبت، وصحبت معى عشره اكاديش، وفى عنقى الطمغاه (٦)، ثم سقت الى غزه، ودخلت البريه، فوجدت الملوك مشتتين فى البريه عند برك زيزا، فلما راونى نزلوا الىّ واقبلوا علىّ لما كان بلغهم من محلى عند القان، فاستحييت من استاديتى، فترجلت، وعانقتهم، وقلت للاشرف: «القان طلبك»، فخاف، فقلت: «لا باس عليك، وعلىّ الضمان ان تعود الى ملكك». فقال لى الناصر: «وانا، يا صارم الدين.» قلت:

«مالى معك كلام». ثم اخدت الاشرف، وعدت به فى ثلاثه ايام والرابع كنا عند هلاوون. فاحضره بين يديه، واقبل عليه. وكان الاشرف ضريف (١٢) الشمايل، تام القامه، اسمر، اكحل، ادعج، كأن يخديه تفاحتين، وفيهم (١٣) شامات متفرقه، وكان لابس قبا تترى (١٤) اخضر ببنود اطلس احمر، وخف بلغارى بشريط ذهب، ومهاميز ذهب، وقبع اطلس، وتخفيفه لا تبين رفيعه، وهو كانه قضيب بان. فلما نظرت اليه طقز خاتون زوجه هلاوون اعجبها، وضربت هلاوون على وجهه وهى تضحك.

وقالت: «هكدا يكونوا (١٧) الملوك، انّ هدا شاب مليح بهادر المسلمين». قال: فنظر اليها هلاوون، ولطمها على وجهها وهو يضحك. وقال: «انما نحن الملوك الدى دلت (١٨) لنا مثل هولاء الملوك، وجعلناهم مثل العبيد بين ايدينا، مثل النسا قدامنا». قال الصارم ازبك: كل هدا والاشرف قايم يرعد كالقصبه (٤٩) هيبه وعظمه. فقال هلاوون:


(٢) يحفظ: حفظ
(٦) الطمغاه: فى تاريخ ابن الفرات ص ٣٦١ «الطمغة»
(١٢) ضريف: ظريف
(١٣) وفيهم: وفيهما
(١٤) لابس قبا تترى: لابسا قباء تتريا
(١٧) يكونوا: يكون
(١٨) الدى دلت: الذين ذلت