للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معهم، وتدلّهم على المصالح، (٥٠) فانت اخبر ببلادك». وكتب معى كتبا لاولاده بان لا (٢) يخرجوا لى من خلاف. فلما رديت وجدت التتار مجتمعين على الاردن، والمسلمين (٣) قد خروجوا لملتقاهم. فلما راونى التتار اقبلوا نحوى، وترجلوا، وقبلوا عينىّ كونهما قريبتين (٤) العهد من نظر القان، ثم انى انفدت غلامى صفه انه جاسوسا من عندنا باشاره كتبغا نوين، وامرته فى الباطن ان يجتمع بالملك المظفر من جهتى، ويهوّن عليه امر التتار، ويعرفه ان يقوى الميمنه الاسلاميه، وان يكون الملتقا (٦) عند طلوع الشمس. وقلت: «عرّفهم طلبى ورنكى، وانهم ساعه يحملوا (٧) علىّ انهزمت، فان التتار يتبعونى (٨) فى الهزيمه». فكان دلك بمعونه الله عزّ وجلّ.

واما الملك الناصر صاحب الشام فان هلاوون سير خلفه، فمسكوه على برك زيزا، واحضروه بين يدى هلاوون-وقيل مسك بوادى موسى، ونزلوا به الى عجلون، وسلمها لهم بعد ان عجزوا عن اخدها. فتسلموها وافسدوا حالها كعادتهم. ورجع هلاوون وصحبته الامرا البحريه الدين كانوا معتقلين بحلب، وهم سكز وبرامق وسنقر الاشقر وبكمش المسعودى. ولحقوه بالملوك قبل قطعه الفراه (١٣)، وهم فى دل (١٤) وهوان. فلما مرّ الناصر وراى قلعه حلب عند بعد، بكى بكاء شديدا وانشد يقول <من الطويل>:

سقا (١٦) ... حلب الشهباء فى كل بقعة

سحايب غيث نوءها مثل أدمعى

فتلك مرامى لا العقيق ولا اللوى ... وتلك ربوعى لازورد (١٧) ولعلى


(٢) بان لا: بألا--رديت: رددت
(٣) والمسلمين: والمسلمون--راونى: رآنى
(٤) قريبتين: قريبتى--انفدت غلامى صفه انه جاسوسا: فى تاريخ ابن الفرات ص ٣٦٦ «بعثت غلاما لى فى صفة جاسوس»
(٦) الملتقا: الملتقى
(٧) يحملوا: يحملون-- عرّفهم. . . انهزمت: فى تاريخ ابن الفرات ص ٣٦٦ «قل للأمراء لا تخافوا ها انا واصحابى والملك الاشرف فى ميسرة فى التتار فاذا رأيتم رنكى احملوا علىّ وعلى اصحابى فانا والملك الاشرف ننهزم بين أيديكم»
(٨) يتبعونى: يتبعوننى
(١٣) الفراه: الفرات
(١٤) دل: ذل-- عند: عن
(١٦) سقا: سقى
(١٧) لازورد: فى الأصل «لازرود»