للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما قرب من حلب ورآها خراب (١) بكا اشد من الاولى، وانشد <من البسيط>:

ناشدتك الله يا هطّالة السحبى ... أن لا حملت تحياتى الى حلب

لا عذر للشوق أن يمشى على قدر ... ماذا عسى يبلغ المشتاق فى الكتبى

(٥١) احبابنا لو درى قلبى بانكم ... تدرون ما أنا فيه لذّلى تعبى

لكنّ أصعب ما ألقاه (٦) ... من ألم

أنّى أموت ولا تدرى الأحبّة بى

ولما تعدا (٧) حلب، وصارت على شماله، أنّ وتنهّت، وجرت دموعه، وقال <من الطويل>:

سقا (٩) ... الله اكناف الشآم ومعهدا

به العهد باق لا يزال مواظبا

ولا برحت أرض العواصم عصمة ... من السوء تسقا (١٠) دايم الافق دايبا

ايا ساكن الشهباء لا زال حبّكم ... يخالط منى اعظمى والترايبا

وحزنى عليكم لا يزال مجدّدا ... وشوقى اليكم لا يزال مغالبا

أروم لقاكم والقضاء يعيقنى ... فلو جاد سيّرت السحاب ركايبا

وعفّرت خدّى فى الثرا (١٤) ... فرحا بكم

وقلت لقلبى: قد بلغت المآربا

ولما سار عنها، وبعدت عنه، انشد القصيده المشهوره له التى اولها <من الطويل>:

يعزّ علينا أن نرى ربعكم يبلا (١٧) ... وكانت به آيات حسنكم تتلا

لقد مرّ لى فيها افانين لذه ... ترى هل لأوقاتى بها عودة أم لا


(١) خراب: خرابا--بكا: بكى
(٦) القاه: فى الأصل «اللقاه»
(٧) تعدا: تعدّى
(٩) سقا: سقى--ومعهد: ومعهدا
(١٠) تسقا: تسقى
(١٤) الثرا: الثرى
(١٧) يبلا: يبلى--تتلا: تتلى