للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها كانت كسره التتار على حمص. وسببها (١)، أن القول تقدم من العبد، انهم وصلوا فى السنه الخاليه بغارتهم الى حماه، وان الملك المنصور [صاحبها] (٢) كان قد خرج مع الامرا العزيزيه والناصريه. فلما دخلت هده السنه وصلوا (٣) التتار الى حمص، فوجدوا بها من كان من الامرا الحلبيين، والملوك، صاحب حماه، وصاحب حمص وهو الملك الأشرف-الدى ذكرناه-مظفر الدين موسى ابن بن (٥) اسد الدين شيركوه -المقدم ذكره فى الجزء الدى قبله-، وعدّة من معهم الف واربع مايه فارس، وكانوا (٦) التتار فى سته آلاف. فاستعان المسلمين (٧) بالله عزّ وجلّ على قتالهم، وبايعوا الله تعالى بنيه خالصه، والتقوا معهم عند قبر خالد بن الوليد، رضى الله عنه. وحملوا عليهم (٦٠) حمله رجل واحد. فنظر الله الى قلتهم وحسن يقينهم (٩)، فاجاب دعاهم، وخدل عداهم، وانكسروا كسره عظيمه، وهرب بيدرا مقدمهم، ولم يلوى (١٠) على احد، ووقع فيهم السيف.

وحكى عن الامير بدر الدين القيمرى قال: كنت فى الوقعه هده (١٢) مع الملك المنصور صاحب حماه. فرايت بعينى طيور بيض (١٣) وهى تضرب وجوه التتار باجنحتها. وكان النصر من الله تعالى، ويقال ان هده الوقعه كانت اعظم من وقعه عين جالوت، لكثره التتار وقله المسلمين.

والدى سلم من التتار، فانهم عادوا الى حلب، واخرجوا من كان بها من الرجال والنساء، ولم يبق بها الا من ضعف عن الحركه فاختفا (١٧) خوفا على نفسه. ثم نادوا فيهم:

«من كان من اهل حلب يعتزل». فلم يعلم الناس ما يراد بهم؛ فظن الغرباء أن النجاه لهم،


(١) وسببها: فى الأصل «سيها»
(٢) ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش
(٣) وصلوا: وصل
(٥) ابن بن: ابن ابن
(٦) وكانوا: وكان
(٧) المسلمين: المسلمون
(٩) يقينهم: نيتهم، م فى--وخدل: وخذل
(١٠) يلوى: يلو
(١٢) الوقعه هده: هذه الوقعة
(١٣) طيور بيض: طيورا بيضا
(١٧) فاختفا: فاختفى