للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن شداد صاحب السيره، قال ابن عبد الظاهر انه كان اجتماع رسل السلطان الملك الظاهر بالملك بركه فى سنه سبع وستين (٢) وستمايه، وانهم مرّوا فى طريقهم بالملك الاشكرى فى مدينه اينه، ثم رحلوا الى قسطنطينيه فى عشرين يوم (٣)، ثم منها الى مدينه اصطنبول، ومنها الى دقسيتا وهى ساحل سوداق. فالتقاهم الوالى بها، واسمه طايوق، وعنده خيل اليولاق، يعنى البريد؛ واسم هده الارض قرم، ويسكنها عده من القفجاق والروس والعلان وغيرهم، ومن الساحل الى هده القريه مسيره يوم واحد. ثم ساروا الى يوم اخر، فوجدوا مقدما اسمه طق بغا، وهو مقدم عشره آلاف، وهو الحاكم على تلك الجهات جميعها. ثم ساروا عنه مسيره عشرين يوم (٩) فى صحراه عامره بالخركاوات والاغنام والمواشى الى ان وصلوا الى بحر ايتل، وهو بحر حلو عدب (١٠) سعته سعة نيل مصر، وفيه مراكب الروس، وهو منزله الملك بركه. وهدا الساحل تحمل اليه (٨٨) الاقامات من ساير تلك الاراضى.

قال: فلما قاربوا المنزله التقاهم الوزير شرف الدين القزوينى، وهو يتحدث العربيه والتركيه والمغليه، فانزلهم فى منزله حسنه، وحمل اليهم الضيافه من اللحم والسمك واللبن وغير دلك. ونزل بعد دلك الملك بركه فى منزله قريبه واستحضرهم. وكانوا قد عرّفوهم ما يفعلونه عند دخولهم عليه؛ وذلك ان يكون الدخول من جهه اليسار، فادا اخذ الكتب منهم ينتقلون إلى جهه اليمين، فادا امرهم بالجلوس يكون على الركبتين، ولا يدخل احدا منهم معه فى الخركاه بسيف ولا سكين ولا عده؛ ولا يدوس عتبه الخركاه احد منهم برجله، وادا قلع احد منهم عدته فليقلعها على الجانب الايسر، وينزع قوسه من القربان، ويفك وتره، ولا يترك فى تركاشه نشاب (٢٠)، ولا ياكل ملح (٢١) ولا يغسل ثوبه، وان اتفق غسيله ينشره خفيه.


(٢) وستين: فى الأصل «وثلثين»
(٣) يوم: يوما
(٩) يوم: يوما--صحراه: صحراء
(١٠) عدب: عذب
(٢٠) نشاب: نشابا
(٢١) ملح: ملحا، فى م ف «ثلجا»