للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالافعال الرديه، وتكاتب (١) صاحب مصر، فانت معى فى الظاهر، خارجا عنى فى الباطن، فانت شبيهك شبيه القرعه على وجه الماء؛ كيف ضربها الهوى سارت نحوه».

ثم امر به فقتل وجميع اهله.

ومما نقله ابن شداد فى سيره الملك الظاهر، ان السلطان الملك الظاهر رحمه الله استدعا (٥) اخاه عماد الدين احمد بن المويد المعروف بالاشتر من دمشق، وعوّقه اياما، ثم افرج عنه، وانعم عليه فى الشهر بخمس مايه درهم، ورتب له راتبا جيدا. وامره ان يكتب الى اخيه كتابا يعرفه فيه نيّة السلطان له وشكر منه، ويرغبه فى مكاتبات السلطان، وانه يعطيه من الاقطاعات ما احبّ واختار «وانت بعد دلك على الاختيار ان شيت فى الاقامه او الحضور». فلما وصل اليه الكتب (٩٤) حملها الى هلاوون واوقفه عليها، وقال: «ان صاحب مصر انما يكتب الىّ بمثل هدا ليتع فى يدك، فيكون سببا لقتلى. وقد عزمت ان اكيده واكاتب امرايه الكبار، اعيان دولته بمصر والشأم، لاكيده كما كادنى». فلم يوافقه هلاوون على دلك، ثم عاوده مرارا حتى ادن له فى دلك. فكتب كتبا الى جماعه من الامرا. فوقعت فى يد السلطان، فعلم انها مكيده منه فى قباله ما اكاده به. فكتب اليه يشكره على عرض الكتب على هلاوون، واستصوب رايه فى دلك كونه عرضها لتزول التهمه عنه. وبعث الكتب مع قصاد، وقرّر معهم انهم ادا وصلوا الى شط جزيره بن عمر، يتجردوا (١٦) من ثيابهم على انهم يسبحوا (١٧)، ويحتالوا فى اخفاء انفسهم ليظن بهم انهما غرقا، وكانا رجلان (١٨)، وتكون الكتب فى ثيابهم؛ ففعلوا دلك.

قال بن (١٩) شداد صاحب السيره: فراوا نواب التتار الثياب فاخدوها، فوجدوا الكتب فيها. فحملت الى هلاوون، فوقف عليها، وكتم امرها، وكانت اكبر اسباب تلاف الزين الحافظى، والله اعلم.


(١) وتكاتب: وشرعت تكاتب، م ف--خارجا: خارج
(٥) استدعا: استدعى
(١٦) يتجردوا: يتجردون
(١٧) يسبحوا، ويحتالوا: يسبحون، ويحتالون
(١٨) رجلان: رجلين
(١٩) بن: ابن--فراوا: فرأى