للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم. أمّا بعد حمدا لله تعالى على نصرته المتناسبة (١) العقود، وتمكّنه الذى رفلت الملة الاسلامية منه فى أصفى البرود، وفتحه الذى إذا شاهدت السير (٢) مواقع نفعه وعظيم وقعه علمت انه لامرها (٣) يسود من يسود. والصلاة على سيدنا محمد الذى جاهد الكفار، وجاهرهم بأعمال السيف البتار، وأعلمهم لمن عقبى الدار، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تتواصل بالعشى (٩٨) والابكار. فإن خير الكلام النعمة نعمة وردت بعد الياس، وجاات (٦) بعد توحشها وهى حسنة الايناس، واقبلت على فترة من تخاذل الملوك وتهاون الناس، وصرعت ابواب الجهاد وقد غلقت فى الوجوه، وانطقت السنة المنابر وشفاه المحابر بالبشاير التى ما اعتقد أحدا (٨) أنّ بها تفوه.

فاكرم بها نعمة على الاسلام وصلت للملة (٩) المحمدية أسبابا، وفتحت للفتوحات أبوابا، ونقمت (١٠) من التتار والفرنج العدوين، ورابطت من الملح الأجاج والعذب الفراه بالبرين والبحرين، وجعلت عساكر [الإسلام] (١١) تذل الافرنج بغزوهم فى عقر الدار، وتحرس (١٢) من حصونهم المانعة خلال الديار والأمصار، وتملأ خنادقهم بشاهق الأسوار، وتقود من فضل عن شبع السيف الساغب فى قبضة القيد إلى حلقات الاسيار (١٣). فرقة منها تقتلع للفرنج قلاعا وتهدم حصونا، وفرقة تبنى ما هدمه التتار بالمشرق وتعليه حصونا (١٥)، وفرقة تتسلم بالحجار قلاعا شاهقة وتتسنّم هضابا سامية. فهى بحمد الله البانية الهادمة، المفيدة العادمة، والقاسية الراحمة. كل ذلك بمن اقامه الله للأمة الإسلامية راحما، وجرّد به سيفا قد شحذت للتجارب خديه فترى، وحمل رياح


(١) المتناسبة: فى المقريزى، السلوك، ج‍ ١ ص ٥٣٠ «المتناسقة»
(٢) السير: فى المقريزى «العيون»
(٣) انه لامرها: فى المقريزى «لأمر ما»
(٦) وجاات: وجاءت
(٨) أحدا: أحد
(٩) للملة: فى المقريزى ص ٥٣٠ «للأمة»
(١٠) ونقمت: فى المقريزى «وهزمت» --الفراه: الفرات
(١١) أضيف ما بين الحاصرتين من المقريزى ص ٥٣٠
(١٢) وتحرس: فى المقريزى «وتجوس» --بشاهق: فى الأصل «تشاهق»
(١٣) الاسيار: الإسار
(١٥) حصونا: فى المقريزى ٥٣١ «تحصينا»