للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصحفها من الأناجيل المزورة وقد نشرت (١)، وقبور البطارقه وقد بعثرت، ولو رأيت عدوك المسلم وقد داس مكان القداس، والمذبح قد ذبح فيه الراهب والقسيس والشماس، والبطارقه قد دهموا بطارقة، وابناء المملكة (١١٧) وقد دخلوا فى المملكة، ولو شاهدت النيران وهى فى قصورك تحترق، والقتلى بنار الدنيا قبل نار الآخرة تحترق، وديارك وأحوالها قد حالت، وكنيسة بولص وكنيسة القسيان (٥) وقد زلت كل منهما وزالت، لكنت تقول: ياليتنى كنت ترابا، وليتنى لم أوت بهذا الخبر كتابا، ولكانت نفسك تذهب من حسرتك، ولكنت تطفئ تلك النيران بماء عبرتك، ولو رأيت مغانيك وقد أقفرت من معانيك، ومراكبك وقد أخذت فى السويدية بمراكبك، فصارت شوانيك من شوانيك، ولتيقّنت أن الإله الذى انطاك (٩) انطاكية منك استرجعها، والرب الذى ملكك قلعتها منك قلعها، ومن الأرض اقتلعها.

ولتعلم أيضا أنّا أخذنا منك بحمد الله ما كنت أخذته من حصون الإسلام، وهو:

در كوش، وشقيف تلميش (١٢)، وشقيف كفر تبنين. واستنزلنا أصحابك من الصياصى، وأخذناهم بالنواصى، وفرّقناهم فى الدانى والقاصى، ولم يبق شئ يطلق عليه اسم العصيان إلا النهر العاصى، ولو استطاع لما تسمى بالعاصى، وقد أجرى دموعه ندما، وكان يذرفها عبرة صافية، فها (١٥) هو قد أحراها بما سفكناه فيه دما.

وكتابنا هذا يتضمن البشرا (١٦) لك بما وهبك الله من السلامة، وطول العمر بكونك لم تكن لك فى هذه المدة بانطاكية إقامة، فلو كنت بها كنت إمّا قتيلا وإمّا أسيرا، وإمّا جريحا وإمّا كسيرا، وسلامة النفس هى التى يفرح بها الحى إذا شاهد الأموات،


(١) نشرت: فى النويرى ص ٩٥ «نثرت»
(٥) القسيان: فى الأصل «القسان؟؟؟»، انظر النويرى ص ٩٥، وياقوت، معجم البلدان (ط. القاهرة ١٩٠٦)، ج‍ ١ ص ٣٥٥
(٩) انطاك: أعطاك
(١٢) تلميش: فى الأصل «بلهمش»، انظر ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ق ١١٢ آ، تحقيق الخويطر ١١٢٨، والنويرى ص ٩٥، والقلقشندى ج‍ ٨ ص ٣٠١ «تلميس»
(١٥) فها: فما
(١٦) البشرا: البشرى